___قراءتي في رباعية(فلسطين ) للدكتور الشاعر
Hamed Hajji
——————————
فلسطينُ.. إني نسيتُ تفاصيلَ وجهكِ بين الخرائب بين الشظايا
كبلورة عولجت وسْطَ فرن ونارٍ منزهة عن خطايا
ولما وجدتُ القصائد عاجزة عن مديحك اخترتُ نايا
أبقيتُ أناته في فؤادي وبين ضلوعِي تركتُ النشيد بقايا
———————-
حمد حاجي شاعر عشق
ُ فلسطين يجري منه مجرى الدم في العروق
فلسطين جئت عشقك خاطبا
والمهر شعري وكلماتي….
فهو شاعر (الجرح الفلسطيني)
فماذا قال شاعر المقاومة محمود درويش
على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ
على هذه الأرض سيدةُ الأرض
أم البدايات
أم النهايات، كانت تسمى فلسطين
، صارتْ تسمى فلسطين
سيدتي أستحق لأنك سيدتي
أستحق الحياة
ولفلسطين عشّاق كثر من الادباء وخاصة من الشعراء الذين كتبوا لفلسطين قصائد الحب
والولاء فبعضها كان حماسيا يشحذ النفوس وبعضها كان يرثي واقع الحال والبعض الآخر كانت قصائد عشق ووله لهذه المنيعة الصعبة المنال بل ومستحيلته وعلى عتباتها يترنّح العشاق
واذا كتب نزار قباني
تقدّموا..تقدّموا
قصة السلام مسرحية، والعدل مسرحية
إلى فلسطين طريقٌ واحدٌ
يمر من فوهة بندقية…
فإن الشاعر حمد حاجي يرى أن الحب هو الآخر
طريق الى فلسطين هذا الحب بظهر الغيب
والذي يجوز التعبير عنه بالكلمات أي بالشعر وفيض المشاعر
وهو كتب لفلسطين هذه المعشوقة التي أرقت العيون وأسالت دمع الجفون كتب لها ملاحم (طوفان الاقصى)
وفي لحظة فارقة ومفصلية تفطن ان الكتابة عن جرح فلسطين بأبجدية في متناول الجميع— ما هو إلّا ضرب من العجز إذ كل كلمات الحب والعشق والصبابه قاصرة عن تبليغ كمّ الحب
وقاصرة عن مديح لؤلؤة الأديان
وهو لا يمدحها هو يبكيها بدمعة يتيمة تجول في الأجفان هو يبكي مجد عروسة عروبتنا
وهكذا وجد البديل ألا وهو الناي—-
والناي وجد يوم وجد الحزن في روح كل انسان
ولا يفهم أنين الناي الا من عرف أنات الأشجان وثقل وجع الأحزان وكما اكتشف أرخميس قانون(الطفو)وصاح أوريكا اوريكا الناي كقصبة تعددت ثقوبها جعل من يسمع التقاسيم عليه يكتشف قانون وجود الذات المتألمة
صوت متوحد غامض صوت حنين شجي رمادي
وكأني بالشاعر يسأل الناي:لمَ اخترتك انت دونا عن كل الالات الموسيقية ؟
وكأني بالناي يجيب: يا شاعري حزنك على حزني وجرح فلسطين جعل حزننا ضربا من اليقين
ألم تقل:
ولما وجدتُ القصائد عاجزة عن مديحك اخترتُ نايا
أبقيتُ أناته في فؤادي وبين ضلوعِي تركتُ النشيد بقايا
انك اخترتني لأسكنك بين ضلوعك وانت تسكن صوتي الحزين—وهكذا تتأكد ان محبوبتك فيك
وحزنك على الوطن فاق حزني
وها انت اخترت طريق الصمت الحزين لأنه ما عادت تجدي قصائد الشعر والجرح لا يداوى بالكلام-وها انت تدمن صوتي الحزين
وصوتي هو صدى وجع فلسطين
هذي التي تدعي انك نسيت تفاصيل وجهها
وهي راسخة مبثوثة في كل ذرة من وجدانك
وكل يوم يتعتق حبها في شريانك
ها انت بكل حب وحزن تعتذر لها عن تقصير اصحاب القرار المفرط في حقها
ومع أحمد مطر تررد
يا قدس معذرة
يا قدس يا سيدتي .. معذرة
فليس لي يدان
وليس لي أسلحة
وليس لي ميدان
كل الذي أملكه لسان
والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة
والموت بالمجان!
وهل سكت الشاعر حقا؟
طبعا نطق وتكلم وما زال يتكلّم ليسجل موقفه
من القضية على صفحات الأيام وفي دفاتر التاريخ
والشاعر مؤرخ محايد إذ ينقل الحدث كما وقع مع شحنة عواطف صادقة جدا
فهل نحن نرى وجها آخر للشاعر،فيه الانهزامية أمام هول الحدث وهول العجر عن تقديم ما من شأنه أن يعيد لفلسطين وجهها المشرق ويخرجها من الأنقاض الى الحياة ويدرأ عنها الدمار واستباحة دمها؟
والجواب هو لا؟ لأن هذه الرباعية تضمر أكثر ممّا تبدي
فهي تضمر ثورة على القول دون الفعل(تركت النشيد بقايا)وفيها إيمان بقوة الكلمة -ألم يخلق عيسى عليه السلام بكلمة
ألقاها الله إلى مريم حين قال له: (كن) فكان عيسى ؟
والقصيد سلاح الشاعر الوحيد والقصيد أعزل ولكنه قاتل بنصال كلماته الحادة التي قد تغير مجرى التاريخ
فالشاعر في هذه الرباعية نقل كتاباته من المنطقة الجمالية الى المنطقة الميتاجمالية
وبات الشعر ولعا عقليا يرود المدهش والمختلف والمغاير وحتى اللامعقول
فهل نحن يا ترى أمام شاعر (قصيده مفتون بذاته؟
فائزه بنمسعود
Discussion about this post