وكانت لي وطن
قطرالندى السعد
لم تمض إلا ساعات عن آخر زبارة للدكتور في احدى ردهات المستشفى، وقد طمأنها عن صحتها بعد ان تجاوزت مرحلة الخطر، وبات وضعها مستقرا
ذهب الجميع، وغادروا مستبشرين…فرحين..بعد خوف طويل..يدعون طويلا ان يعود لهم صوتها يملأ البيت…وحكاياتها عن ايام زمان، وقصص الماضي…
فقد اشتاقوا كثيرا لتلك الخيالات الجميلة…تسطرها على مسامعهم كل ليلة…
لم تتمالك ابنتها…حاولت ان تكتم دمعتها..لكن عبثا تحاول…فرحتها سبقت قدرتها…واجهشت بالبكاء..
كانت هي المرافقة لها طيلة فترة الرقود بالمستشفى..
تتمنى الا تبتعد عنها ولو قليلا..متشبثة بها كأنها على رحيل..
ومرت عدة ساعات….
وفجاة…..رن جهاز القلب معلنا عن الخطر..
نبضها بدا يتوقف…وخطوط ترسم توحي بالنهاية…
ركضت البنت مسرعة الى غرفة الطبيب…تتوسل اليه بفحص والدتها…
لازال الجهاز يقرأ العد التنازلي لنبضات القلب….
وذلك الخط اللعين بدا يضعف شيئا فشيئا …
وعيون تترقب…..ودمعات متهالكة…تتجه نحو وجه الأم….
امي …لاتتركيني وحدي
فبدونك اضيع…
تنظر اليها بحزن شديد…..وخوف من الفقدان اشد…
وهي على هذا الحال……سمعت صوت صفير الجهاز…
اسمرت بمكانها ولم تتحرك..رغم صياح الممرض الخفر…
الام المسكينة كانت في لحظة الاحتضار…
توسلت البنت…ارجوك انقذ امي….
نظر اليها برأفة شديدة…وبعد ذلك دون ان يفعل شيئا..اقترب منها..تفحصته بأهتمام…
البقاء في حياتك……
كانت هذه العبارة التي هزت اركانها…
فحياتها مرهونة بأمها…فهي ماتبقى لها من اهلها…
وهكذا انتهى الصراع مع المرض..
وهكذا فارقت والدتها…
وانتهى الشعور بالحياة لديها بلحظة وداع معها …فقد كان حنانها لها لايوصف وشمل حتى احفادها…
تلك الأم المعطاء…
شعور اليتم شعور مقيت..
والوحدة مدمرة بعدما كانت تملأ كل حياتها….دعواتها كانت كالجدار تصد شرور الدنيا عنها…
انها الأم ياسادة…جنة الله على الارض…
ولاجلها الباري يكرمنا..
ماتت من كان الله يكرمني بها…
ماتت من كانت لي وطن
Discussion about this post