صرخة طفلة ..
د.علي أحمد جديد
بكل مافيها من الألم والخذلان صرخت :
وينكم…؟
صرخةٌ أطلقتها طفلة فلسطينية عايشت بكلّ جوارحها وبكل الألم عايشت المأساة التي تحيط بها ، مأساة الموت وفقدان الأم ، والأخت ، والطفل الرضيع ، وبقية أفراد العائلة ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض ، صرخت من فرط الوجع ، وينكم ؟..
صرخت تستدعي الأعراب وهي تظن ، المسكينة ، أنهم ما زال فيهم شيئاً من العروبة التي حدثتها أمها عنها ، ولم ينمُ الى معرفتها أنهم ، ومنذ مئات السنين كانوا أعراباً أقحاحاً ، وليس في سريرتهم ذرة من الكرامة ، و تتدفق في عروقهم مادة تشبه الدماء وليس فيها من الدم إلا لونه ، ولكنها في واقع الحال ، خليط من سائل يقتل الانتماء ، وسائل آخر يحوّل الذات إلى كتلة من الغرائز والرغبات الشاذة المارقة تقتل الإحساس والمروءة والرجولة ، وتخلو من أيّ نزعة من بقايا الماضي نحو الشعور بآلام الآخرين وأوجاعهم . مجرد جسد محايد مفعم بالأنانية يسير على قدمين ، ثم يجثو على ركبتيه وضيعاً ذليلاً للسيّد الذي يلقمه قوت ذاته القابضة ويدغدغ غرائزيته وحيوانيته الآثمة .
فياأيتها الطفلة الحبيبة ، ستصبحين ذات يوم أمّاً ماجدة كمثل أمهات غزّة وكل فلسطين الماجدات ، وستدركين شيئاً فشيئاً أنّ هؤلاء الذين أطلقت صرخات النداء والاستغاثة والعون بهم شخوص غير تلك الشخوص التي ملأت صفحات التاريخ عزّة وبطولة وإيماناً وانبعاثاً .. هؤلاء الذين جنح بك الأمل والألم الصارخ نحو التباعث تأمّلاً في أنْ ينصروك ويرفعوا عنك الضيم والأنقاض والتوحش ، هم أنفسهم الذين تتماثل رغباتهم المريضة مع بني صهيون في العمل الدؤوب لقتل ايّ ذرة او خلية فينا تنتفض مقاومة وممانعة لجبروتهم ونشازهم وخروجهم عما تتطلع اليه المجاميع المستضعفة من الخلاص والانعتاق !!.. ستنذهلين أيتها الحبيبة حينما يتنامى الوعي لديك بأنّ هؤلاء الذين استصرخ الوجع الماحق من أعماقك بقايا من شهامة قد ترجى منهم قد تواطأوا وتشاركوا وانخرطوا في مشروع القتل والإبادة للشعب الفلسطيني الصامد في غزة والضفة كالجبال الشامخة .
فلا تصرخي ، ولا تستصرخي أيتها الحبيبة فلا ( حياء ) لمن تنادين .
Discussion about this post