في مثل هذا اليوم12 نوفمبر 2011م..
رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني يستقيل من منصبة بعدما خسر قبل أيام الأغلبية البرلمانية التي كان يتمتع بها، وأعلن حينها إنه سيقدم استقالته عندما يقر البرلمان بمجلسيه الإجراءات التقشفية التي طالب بها الاتحاد الأوروبي بهدف إعادة ثقة السوق في الاقتصاد الإيطالي.
سيلڤيو برلسكوني (بالإيطالية: Silvio Berlusconi)؛ (29 سبتمبر 1936 – 12 يونيو 2023) سياسي ورجل أعمال إيطالي كان رئيس وزراء إيطاليا في أربع حكومات من 1994 إلى 1995 ومن 2001 إلى 2006 ومن 2008 إلى 2011. وكان عضوًا في مجلس النواب في الفترة من 1994 إلى 2013؛ وعضو في مجلس الشيوخ الإيطالي من عام 2022 حتى وفاته، وسبق ذلك من مارس إلى نوفمبر 2013؛ وعضو في البرلمان الأوروبي من عام 2019 إلى عام 2022، وقبل ذلك من عام 1999 إلى عام 2001. وكان برلسكوني ثالث أغنى رجل في إيطاليا حتى وفاته، بصافي ثروة بلغت 6.8 مليار دولار أمريكي اعتبارًا من يونيو 2023.
كان المساهم المسيطر في ميدياست وامتلك نادي كرة القدم الإيطالي إيه سي ميلان من 1986 إلى 2017. لُقب باسم «الفارس» بسبب حصوله على نيشان الاستحقاق للعمل من الرئيس جيوفاني ليوني عام 1977، وقد تخلى عنه طواعية في عام 2014. في عام 2018، صنفته مجلة فوربس في المرتبة 190 على قائمة أغنى رجل في العالم بصافي ثروة قدرها 8 مليارات دولار أمريكي. وفي عام 2009، صنفته فوربس في المرتبة 12 في قائمة أقوى الأشخاص في العالم بسبب هيمنته على السياسة الإيطالية طوال أكثر من عشرين عامًا على رأس تحالف يمين الوسط .
شغل برلسكوني منصب رئيس الوزراء لمدة تسع سنوات، مما جعله أطول رئيس وزراء لإيطاليا بعد الحرب، وثالث أطول رئيس وزراء مُنذ توحيد إيطاليا، بعد بينيتو موسوليني وجيوفاني جوليتي. كان رئيس حزب فورزا إيطاليا من 1994 إلى 2009، والحزب الذي خلفه حزب شعب الحرية من 2009 إلى 2013. وقاد حملة فورزا إيطاليا من عام 2013 إلى عام 2023. كان برلسكوني رئيس لمجموعة الثماني في الفترة من 2009 إلى 2011، ويحمل الرقم القياسي في استضافته لقمم مجموعة الثماني (بعد أن استضاف ثلاثة قمم في إيطاليا). بعد أن خدم ما يقرب من 19 عاما كعضو في مجلس النواب، والمجلس الأدنى في البلاد، أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ بعد الانتخابات العامة الإيطالية عام 2013.
في 1 أغسطس 2013 أدين برلسكوني بالتزوير الضريبي من محكمة النقض الإيطالية. وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات، وترتب على هذا الحكم منعه من تولي المناصب العامة لمدة عامين. وفي 19 أكتوبر من العام نفسه، فُرضت عليه عقوبة عدم الأهلية للمناصب العامة لمدة عامين. ونظرًا للعقوبة المذكورة، صوّت مجلس الشيوخ في 27 نوفمبر 2013 لإعفائه من منصبه من مجلس الشيوخ. وبالتالي لم يعد برلسكوني نائبًا بعد ما يقرب من عشرين عامًا من وجوده المتواصل في المجلسين. في سن 76 سنة، أُعفي من السجن، وقضى بدلاً من ذلك مدة عقوبته بتأدية خدمة مجتمعية. وفي عام 2019 انتخب عضوًا في البرلمان الأوروبي في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2019. عاد إلى مجلس الشيوخ بعد فوزه بمقعد في الانتخابات العامة الإيطالية 2022.
كان برلسكوني أول شخص يتولى رئاسة الوزراء دون أن يكون قد شغل أي مناصب حكومية أو إدارية سابقة. وعُرف بأسلوبه السياسي الشعبوي وشخصيته المُتهورة. خلال فترة ولايته الطويلة، أُتهم بأنه زعيم استبدادي. تسببت شخصية برلسكوني المثيرة للجدل في انقسام الرأي العام والمحللين السياسيين. حيثُ أكد المؤيدون على مهاراته القيادية وقوته الكاريزمية وسياسته المالية القائمة على خفض الضرائب وقدرته على الحفاظ على علاقات خارجية قوية ووثيقة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا. بشكل عام، يتحدث النقاد عن أدائه كسياسي وأخلاقيات ممارسات حكومته فيما يتعلق بممتلكاته التجارية. يشمل الانتقاد الأول القضايا المتعلقة باتهامات بسوء إدارة ميزانية الدولة وزيادة ديون الحكومة الإيطالية أما الانتقاد الثاني فيدور حول سعيه الحثيث لتحقيق مصالحه الشخصية أثناء توليه منصبه، ومنها الاستفادة من نمو شركاته بسبب السياسات التي تروج لها حكوماته، مع وجود تضارب واسع في المصالح بسبب ملكيته لعدة وسائل أعلام، والتي قيّد بها حرية الحصول على المعلومات.
صعد برلسكوني بسرعة إلى طليعة السياسة الإيطالية في يناير 1994. انتخب في مجلس النواب لأول مرة وعين رئيسًا للوزراء بعد الانتخابات العامة الإيطالية عام 1994 عندما حصل حزب فورزا إيطاليا على أغلبية نسبية بعد ثلاثة أشهر فقط من تأسيسه. انهارت حكومته بعد تسعة أشهر بسبب الخلافات الداخلية بين أحزاب التحالف. في الانتخابات العامة الإيطالية عام 1996 هُزم برلسكوني أمام مرشح يسار الوسط رومانو برودي. في الانتخابات العامة الإيطالية عام 2001 عاد مرة أخرى كمرشح يمين الوسط لمنصب رئيس الوزراء وفاز ضد مرشح يسار الوسط فرانشيسكو روتيلي، ثم شكل برلسكوني حكومته الثانية والثالثة حتى عام 2006. في الانتخابات العامة الإيطالية عام 2006 قاد برلسكوني تحالف يمين الوسط، وخسر بفارق ضئيل أمام خصمه برودي مرة أخرى، ومع ذلك فقد أعيد انتخابه في الانتخابات العامة الإيطالية عام 2008 بعد انهيار حكومة برودي الثانية ، وأدى اليمين الدستورية لولايته الثالثة كرئيس للوزراء في 8 مايو 2008.
في 16 نوفمبر 2011؛ قدم برلسكوني استقالته من منصب رئيس الوزراء بعد أن فقد أغلبيته البرلمانية وسط المشاكل المالية المتزايدة المتعلقة بأزمة الديون الأوروبية. قاد برلسكوني حزب شعب الحرية وحلفائه اليمينيين في حملة الانتخابات العامة الإيطالية لعام 2013، وعلى الرغم من أنه كان يخطط في البداية للترشح لولاية خامسة كرئيس للوزراء كجزء من الاتفاقية مع حزب رابطة الشمال (ليغا نورد)، فقد اختار قيادة الائتلاف دون شغل منصب رئيس الوزراء. حصل تحالف برلسكوني من يمين الوسط على 29٪ من الأصوات ليحتل المرتبة الثانية بعد تحالف يسار الوسط بقيادة بيير لويجي برساني . في وقت لاحق دعم حلفاء برلسكوني حكومة ليتا برئاسة إنريكو ليتا من الحزب الديمقراطي وبالاشتراك مع حزب الاختيار المدني الوسطي برئاسة رئيس الوزراء السابق ماريو مونتي.
تعرض برلسكوني لانتقادات بسبب تحالفاته الانتخابية مع الأحزاب الشعبوية اليمينية (ليغا نورد والتحالف الوطني)، بالإضافة إلى ذلك أثار الجدل عندما أدلى بتصريحات يدافع فيها عن موسوليني الديكتاتور الفاشي لإيطاليا، كما اعتذر برلسكوني رسميًا عما ارتكبته إيطاليا في ليبيا أثناء حكمها الاستعماري. وطوال فترة ولايته احتفظ برلسكوني بملكية شركة ميدياست وهي أكبر شركة إعلامية في إيطاليا، مما عرضه لانتقادات بسبب هيمنته على وسائل الإعلام الإيطالية، كما تورط في فضائح جنسية قوضت مصداقيته.
البدايات
بدأت الحياة السياسية لبرلسكوني في عام 1994، حيثُ شغل منصب رئيس وزراء إيطاليا من 1994 إلى 1995، ومن 2001 إلى 2006، ومن 2008 إلى 2011. كانت مسيرته مليئة بالخلافات والمحاكمات؛ من بينها عدم وفائه بوعده ببيع أسهمه في شركة فينينفيست.
في أوائل التسعينيات، خسرت الأحزاب الخمسة الحاكمة (الحزب الاشتراكي الإيطالي، الديمقراطية المسيحية، الحزب الاشتراكي الديمقراطي الإيطالي، الحزب الجمهوري الإيطالي، الحزب الليبرالي الإيطالي) المعروفة باسم «Pentapartito» الكثير من قوتها الانتخابية بين عشية وضحاها، بسبب عدد كبير من التحقيقات القضائية المُتعلقة بالفساد المالي للعديد من أعضائها الرئيسيين في قضية ماني بوليتي. في 26 يناير 1994، أعلن برلسكوني قراره بالدخول في السياسة، وقدم حزبه السياسي فورزا إيطاليا، على برنامج يركز على هزيمة الشيوعيين. كان هدفه السياسي هو إقناع ناخبي البانتاباريتو، بأن فورزا إيطاليا سيُقدم تفردًا جديداً واستمرارًا لسياسات السوق الحرة المؤيدة للغرب التي تتبعها إيطاليا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد فترة وجيزة من قراره الدخول إلى الساحة السياسية، قيل إن المحققين في قضية ماني بوليتي اقتربوا من إصدار الأوامر بإلقاء القبض على برلسكوني وكبار المسؤولين التنفيذيين في مجموعته التجارية. خلال مسيرته السياسية، صرح برلسكوني مراراً وتكراراً أن التحقيقات في ماني بوليتي كانت بقيادة المدعين العامين الشيوعيين الذين أرادوا إنشاء حكومة على النمط السوفييتي في إيطاليا.
الانتخابات العامة عام 1994
كانت خطت برلسكوني للفوز في الانتخابات العامة في مارس 1994، تشكيل تحالفين انتخابيين منفصلين هُما: «Pole of Freedoms» مع «Lega Nord» (الرابطة الشمالية) في مناطق شمال إيطاليا، وتحالف آخر «Pole of Good Government» مع التحالف الوطني «Alleanza Nazionale» وريث الحركة الاجتماعية الإيطالية، في المناطق الوسطى والجنوبية. في خطوة براغماتية، لم يتحالف مع الأخير في الشمال. وبالتالي، كانت فورزا إيطاليا متحالفة مع حزبين لم يكونا متحالفين مع بعضهما البعض. وأطلق برلسكوني حملة ضخمة من الإعلانات الانتخابية على شبكاته التلفزيونية الثلاث. وبعد ذلك فاز في الانتخابات، حيثُ حصل فورزا إيطاليا على 21% من الأصوات الشعبية. وعُين رئيسًا للوزراء في عام 1994، لكن فترة ولايته كانت قصيرة بسبب التناقضات المتأصلة في ائتلافه.
سقوط حكومة برلسكوني الأولى
وفي ديسمبر 1994، وعقب تسريب أنباء إلى الصحافة عن تحقيق جديد أجراه قضاة ميلانو، غادر أمبرتو بوسي، زعيم رابطة الشمال، الائتلاف مُدعيًا أن الاتفاق الانتخابي لم يحترم. وهذا بدوره أجبر برلسكوني على الاستقالة من منصبه. في عام 1998، نشرت صحيفة “لا بادانيا” الرسمية التابعة لرابطة الشمال مقالات مختلفة تهاجم برلسكوني، ومنها مقال بعنوان «Fininvest [Berlusconi’s principal company] was founded by the Mafia»
ظل برلسكوني رئيسًا للوزراء بالوكالة لأكثر من شهر إلى أن اُستبدل بحكومة تكنوقراط برئاسة لامبرتو ديني. كان ديني وزيرًا رئيسيًا في حكومة برلسكوني، وقال برلسكوني إن الطريقة الوحيدة التي سيدعم بها حكومة تكنوقراطية ستكون إذا ترأسها ديني. في النهاية، دُعم ديني من معظم أحزاب المعارضة ولكن ليس من قبل فورزا إيطاليا وليجا نورد. في عام 1996، خسر برلسكوني وائتلافه الانتخابات وحل محلهما حكومة يسار الوسط بقيادة رومانو برودي.
في عهد برلسكوني كانت إيطاليا حليفًا قويًا لإسرائيل، وحظيت بإشادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال عن برلسكوني: “نحن محظوظون بوجود زعيم مثلك. لا أعتقد أن لدينا صديقًا أفضل في المجتمع الدولي”. اشتهر برلسكوني بعلاقته الوثيقة والودية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي وصف برلسكوني بأنه “أحد أعظم الأصدقاء”. ذكر برلسكوني بأن إسرائيل يجب أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي قائلا: «رغبتي الكبرى طالما أنني شخصية مؤثرة في السياسة هي ضم إسرائيل إلى عضوية الاتحاد الأوروبي». دافع برلسكوني بقوة عن إسرائيل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وواصل دعمه لإسرائيل حتى بعد تركه لمنصبه. كما دافع عن أفعال إسرائيل خلال الصراع بين غزة وإسرائيل ودعا إلى عقوبات فعالة ضد إيران. لكنه وصف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة بأنه “خطأ” و “يمكن أن يكون عقبة في طريق السلام”.
بينما كان برلسكوني في منصبه، تفاوضت إسرائيل وإيطاليا على صفقة بقيمة مليار دولار تبني إسرائيل بموجبها أقمارًا صناعية للاستطلاع لإيطاليا، بينما تشتري إسرائيل بالمقابل طائرة التدريب M-346 لقواتها الجوية.!!
Discussion about this post