في مثل هذا اليوم 20 نوفمبر1947م..
حفل زفاف أسطوري في لندن بمناسبة زفاف ولية العهد في المملكة المتحدة الأميرة إليزابيث (الملكة إليزابيث الثانية بعد ذلك) من الأمير السابق لليونان والدنمارك فيليب والذي تخلى عن ألقابه من أجل الزواج منها.
التقت الأميرة إليزابيث (13 عاماً) وفيليب أمير اليونان والدنمارك -آنذاك- (18 عاما) في يوليو 1939م، خلال الزيارة التي قام بها للعائلة المالكة للكلية الملكية للدارتموث، حيث كان المسئول عن مرافقة العائلة، فهم أبناء عمومة من الدرجة الثالثة، تبادل بعدها الاثنان الرسائل، ووضعت الأميرة صورة فيليب في إطار بجوار سريرها.
قد يعتقد البعض أن الأمور كانت سلسة للأميرين، فكلاهما من أحفاد أحفاد الملكة فيكتوريا، إلا أن عائلة إليزابيث كانت محبة ومقربة من بعضها البعض، وعائلته على النقيض، فمن الناحية العملية كان فيليب شبه مُفلس ولم ير أيًا من والديه لعدة سنوات، على الرغم من أن عائلته – الدنماركية في الأصل – حكمت اليونان حتى تنازل عمه الملك قسطنطين الأول بعد الحرب العالمية الأولى، ففروا جميعًا من اليونان إلى الأبد، ثم عانت والدته بعد ذلك من مرض عقلي وتركها والده للعيش في فرنسا مع عشيقته، فنشأ فيليب في المدارس الداخلية.
باعدت بينهما الحرب العالمية الثانية، حيث خدم بشجاعة كضابط بحري في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأقصى، وبقيا على التواصل عبر الرسائل التي تودد عن طريقها فيليب للأميرة.
تقدم بعد انتهاء الحرب بطلب يدها في أسكتلندا في عام 1946م، ووافقت على الفور وتمت خطبتهما سراً حيث أصر والدها الملك جورج السادس على انتظار الزوجين لإعلان خطوبتهما حتى تكبر الأميرة التي لم تكن تبلغ العشرين من عمرها، كما كان هناك الكثير من الاعتراض على “فيليب” نفسه، فلا يستطيع أحد أن يُنكر جاذبيته، ووُصف دائما بأنه “أبولو يوناني أشقر”، “فايكينج”، “وسيم كأي نجم سينمائي” إلا أنه “غير منمق”، “متغطرس”، “مُعدم”، وبالنسبة لبلد خرج لتوه من الحرب العالمية الثانية فهو “ألمانياً أكثر من اللازم”، وهو ما يصعب إخفائه، فعائلته “شليسفيج هولشتاين سونديربيرج جلوكسبيرج”، بينما استقبله أقاربه الإنجليز في شبابه، تزوجت أخواته الأربع جميعًا من أمراء ألمان، وانضم ثلاثة من أشقائه إلى الحزب النازي، ولهذا لم تكن الملكة الأم متأكده من كونه زوجاً مناسباً لأبنتها.
لكن الأميرة أصرت على الزواج منه، ورضخ والداها لرأيها في نهاية الأمر، قدم فيليب خاتم خطوبة صممه بنفسه مع صانع مجوهرات في لندن من ألماس دائري عيار 3 قيراط، يتكون من حجر مركز مُحاط بـ 10 ماسات مرصوفة أصغر، كانت أحجار الخاتم في الأصل جزءًا من تاج يخص والدة الأمير فيليب، الأميرة أليس أميرة باتنبرج.
أعلن الملك والملكة خطوبة ابنتهما رسميا في 10 يوليو 1947م، وأصبح فيليب مواطنًا بريطانيًا، وأطلق عليه اسم “مونتباتن”، قبل الزفاف مباشرة ، تم تسميته دوق إدنبرة.
واستطاع العروسان الجذابان برومانسيتهما وحبهما الظاهرين للجميع اقتناص قلوب الشعب الذي عارض في استفتاء إحدي المجلات البريطانية هذا الزواج بنسبة 40% ، وتم تحديد موعد الزفاف وواجتهما بعد ذلك عقبة وحيدة وهي التقشف الذي تر به البلاد بعد الحرب، إلا أن الحكومة منحت الأميرة إليزابيث 200 قسيمة ملابس إضافية لفستانها، كما أرسل لها محبيها من الشعب قسائم إضافية، وبالطبع لم يمكن استخدامها لعدم قانونيتها وتم ردها إليهم، وصمم فستانها نورمان هارتنيل، وكان موديل كلاسيكي من الحرير العاجي مُزينًا بـ 10000 حبة لؤلؤة، وطول ذيل الزفاف المصمم على شكل نجمة 13 قدمًا، وكان ثوب الحرير العاجي وحجاب طويل من الدانتيل، واستغرق تفصيله سبعة أسابيع، وعمل عليه 350 امرأة.
احتشد جمهور الشعب من مُحبي العائلة المالكة فى وستمنستر آبي لحضور الحفل الذي صورته “بي بي سي” لأول مرة ، يوم 20 نوفمبر عام 1947م في الساعة 11:30 بتوقيت جرينتش.
تابعت “الأهرام” الاستعدادات لحفل الزفاف، فنشرت في عددها الصادر يوم 20 نوفمبر 1947م بالصفحة السادسة صورة للفستان تحت عنوان:
زفاف ولية عهد بريطانيا اليوم
ثوب الأكليل- هدايا نفيسة- تجربة الحفل
الإنعام على الملازم مونتبان بلقب “دوق” ملك
وفى التفاصيل:”تم أمس في لندن الاستعداد لزفاف الأميرة إليزابيث، ولية عهد بريطانيا إلى اللفتنات فيليب مونتباتن، الذي سيحتفل به ظهر اليوم.
وسيبدأ الموكب من قصر باكنجهام قاصداً إلى ميدان “الطرف الأغر”، ثم يتجه يمينا إلى هوايتهول ومنه إلى كاتدرائية وستمنسيتر، وقد اشترك العروسان في تجربة الموكب مساء أمس.
وسيحضر ممثلو الدول العربية حفلة الزفاف الملكية في كاتدرائية وستمنسيتر، وسيشهدون الاحتفال مع سائر رجال الهيئات السياسية من المقصورة الشمالية للدار التاريخية التي شيدها الملك إدوارد في القرن الحادي عشر، كما شيد الجناح الرائع المخصص فيها لحفلات الاكليل الملكية ومراسم التتويج، وهذه المقصورة هي الجزء المخصص عادة لكبار رجال الاكليروس.
وستقف الأميرة إليزابيث أمام الهيكل إلى جانب اللفتنات فيليب مونتباتن، مرتدية ثوباً هفهافا شفافا من (الستان) الأبيض الناصع، تُزينه الأف اللآلىء الصغيرة، وله ذيل طوله زهاء خمسة أمتار، أما فكرته فمأخوذة عن أحدى لوحات “بوتيشيلى” الرسام الايطالى الشهير (1444-1510م)، وقد زُين صدر الثوب اللآلىء، والخرزات البللورية المشغولة “بالبرودرية” في شكل زهز، وزُين الخصر برسوم رائعة الجمال تمثل أنواعا من الزهور المشغولة باللآلىء، أما ذيل الثوب فمشغول ببروديرية من نوع آخر مرصعة باللآلىء.
وستضع الأميرة إليزابيث على رأسها تاج العُرس التقليدي، وهو مرصع بفصوص من الماس واللآلىء وتتدلى منه طرحة من -التل- الحريري الأبيض.
ولن يكون هذا الثوب ملكاً للأميرة إليزبيث سوى يوم واحد، لأنه سيعرض مع هداياها في قصر باكنجهام، ثم يُرسل إلى متحف ألبرت، حيث تستطيع ان يراه الجمهور.
أما وصيفات الشرف، ومنهن الاميرة مرجريت روز شقيقة العروس، وصديقاتها، فقد صُنعت أثوابهن من التل الحريري العاجي البياض.
وقد أهدى الملك جورج السادس إلى ولية عهده بمناسبة زواجها عقدا من الماس والياقوت، وأهدتها والدتها قرطين من الماس وعقدا من اللؤلؤ النفيس، وأهدتها جدتها الملكة ماري تاجين من الماس وعقدين من الماس وبروش من الماس.
وحملت الصفحة الثانية من نفس اليوم هدية ملك مصر للأميرة البريطانية:
هدية الفاروق إلى ولية عهد بريطانيا
وفى التفاصيل:”نشرنا أمس ما وافانا به مراسل ما فوافانا به مراسل “الأهرام” في لندن عن الهدية الثمنية التي بعث بها جلالة الملك فاروق إلى الأميرة إليزابيث ولية عهد بريطانيا لمناسبة قرانها.
وقد تلقت وكالة الأنباء العربية برقية من لندن تتضمن وصف جريدة “الديلى تلغراف” لهذه الهدية النفيسة جاء فيها، أنها عقد أثري من الذهب يرجع تاريخه إلى اثنين وعشرين قرنًا، ولكنه يبدو كأنما خرج من يد الصانع لتوه وساعته.
ووصفه “بيتربو” كاتب اليوميات المعروف بأنه مثل بديع من روائع الفن في بداية عهد البطالمة “إن القطعة الذهبية التي تتوسط العقد تحوى رسم الملكة ارسينو قرينة الملك فيلادلفوس ثاني ملوك البطالمة وأُعيد سكها في قالب حديث بعناية بالغة ومهارة فائقة، وهي مثل من أمثلة العملة المعدنية التي كانت متداولة في مصر قبل الميلاد بقرنين ونصف قرن.
وتوسطت صورة عقد القران الخبر المنشور في يوم 21 نوفمبر تحت عنوان:
الاحتفال بزفاف ولية عهد بريطانيا
12 ملكا وملكة – حفلتا وستمنسنر وبكنجهام- بدء شهر العسل
وفى التفاصيل:”لندن في ٢٠- الأهرام ورويترز- في الساعة الحادية عشر والدقيقة الرابعة والاربعين من صباح اليوم بتوقيت جرينتش قالت اأميرة إليزايبث ولية عهد بريطانيا ردًا علي سؤال وجهة إليها رئيس أساقفة ” كانتروبوري” في كاتدرائية وستمنستر بصوت خافت “أعد بأن أطيعه”، وعندئذ دقت أجراس الكاتدرائية بأنها أصبحت زوجة الملازم الأمير فيليب مونتباتن، دوق أدنبرة”.
وقد اجتاز موكب الأميرة اليزابيث الشوارع المؤدية من قصر باكنجهام إلي كاتدرائية وستمنستر وسط تصفيق وهتاف نحو مليون من رعاياها، الذين غصت بهم الشوارع والنوافذ والشرفات.
ونقل الخبر تحرك أفراد الأسرة المالكة كل في توقيت محدد حتي اصطحب الملك جورج السادس الأميرة العروس في العربة الملكية إلي الكاتدرائية، حيث وقف فيليب ينتظرها، وانطلقت الأبواق لحظة دخول العروس بصحبة والدها، وجلس في الصفوف الأولي المواجهة للهيكل ملوك وملكات وأمراء وأميرات يمثلون عدة أُسر حاكمة أوروبية آنذاك.
بدء القُداس بكلمة عميد القساوسة، ثم أتم مراسم الزواج حيث تبادل العروسان نذروهماـ ثم ألقي رئيس اساقفة يورك كلمة، وانتقل العروسان بعد ذلك إلي قصر باكنجهام حيث الحفلة الثانية.
وعند منتصف الساعة الثانية بعد الظهر ظهر العروسان في شرفة القصر، وظهر وراءهما الملك والملكة، وكذلك الملكة ماري، والأميرة أندرية اليونانية، والأميرة مرجريت روز، وقد دوت أصوات الجماهير الحاشدة أمام القصر بالهتاف للعروسين.
وفي الساعة الرابعة خرج العروسان من القصر في عربتهما ووجهاهما يفيضان بالبشر، وقد غطتها أوراق الورد، ووقف الملك في بدلته البحرية الكاملة، ولكن عاري الرأس، والملكة في ملابسها الذهبية، وبقية الضيوف في أبهي حللهم وأخذوا يلوحوا بالمناديل والقبعات مودعين العروسين، وهما منطلقات لقضاء شهر العسل في ونشسترورومسي، حيث سينزلان بقصر الأولي مونتباتن حاكم الهند العام، وهو عم العريس.
وفي الصفحة الرابعة:
نائب جلالة الملك في احتفال السفارة بزفاف ولية العهد
(ديوان كبير الأمناء يوم الخميس 20 نوفمبر- أناب حضرة صاحب الجلالة الملك حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد على عن جلالة الملك لحضور الحفلة التي إقامتها السفارة البريطانية بمناسبة زفاف حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة اليزابيث ولية عهد بريطانيا العظمى وإيرلندة الشمالية).!!
Discussion about this post