مختارات ..
=-=-=-=-=
المعرفة (Knowledgement) ..
د. علي أحمد جديد
المعرفة هي الإدراك والوعي وفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد أو بطريقة اكتساب المعلومات بإجراء التجارب وتفسير نتائج هذه التجارب أو من خلال تفسير خبر ما بواسطة التأمل في طبيعة الأشياء ، وتأمل النفس . أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة استنتاجاتهم .
كما أنها الإجراء العقليّ واكتساب المعرفة والفهم من خلال التّفكير والخبرة والحواس والاهتمام والتذكّر .
كمايمكن تعريف المعرفة بأنها الإلفة مع شخص أو شيء ما وتشمل اكتساب الحقائق ، والمعلومات والأوصاف أو المهارات عن طريق الخبرة أو التعلّم مما يكتسبه الفرد من خبرات ومهارات ، والتي تقوم أساساً على التجربة والتعلّم بالدرجة الأولى ، متمثلة بالفهم والاستيعاب النظري والعملي .
وتشير المعرفة إلى الفهم النظري أو العملي لموضوع ما ، وتكون المعرفة ضمنية ( اكتساب المهارات أو الخبرات العملية) أو تكون معرفة صريحة (الفهم النظري لموضوع ما) .
وفي الفلسفة ، يُطلَق على دراسة المعرفة بأنها “الخبرة والمهارات التي يمكن للفرد أن يكتسبها من خلال الخبرة والتعلّم ومن خلال الفهم العملي والنظري لموضوع ما
يمكن معرفته في مجالٍ عملي أو بصفة عامة . وقد بدأت المناقشات الفلسفية بصفة عامة حسب صيغة (أفلاطون) للمعرفة على أنها :
“الاعتقاد الصحيح المبرر”
ورغم ذلك ، لا يوجد تعريف موحَّد متفق عليه للمعرفة ، حيث توجد الكثير من النظريات المتنافسة .
إن كلمة (المعرفة) تحمل العديد من المعاني ، لكنها ترتبط مباشرة بمفاهيم المعلومات ، والتعليم ، والاتصال .
ويحلل (لرر) كلمة “يعرف Know”
في اللغة الإنكليزية ليوضح معاني هذه الكلمة على أنها امتلاك صورة خاصة معيّنة من القدرة على عمل شيء ما .
أما المعرفة التي تكون بالمعلومات أو التعليم ، أو الاتصال المباشر ، فيميز الفيلسوف (برتراند راسل) بين نوعين من هذه المعرفة :
– المعرفة بالمعلومات أو الاتصال المباشر ، أي التي تُدرَك بالحواس مباشرةً .
– المعرفة بالوصف ، أي التي تنطوي على استنتاجات عقلية .
ويبدو في ذلك تشابه المعاني لكلمة “معرفة” في اللغتين العربية والإنكليزية ، إذْ تدور هذه المعاني في مجملها على الإدراك .
أما المعرفة في الاصطلاح الفلسفي :
“فهي ثمرة التقابل بين ذاتٍ مدركة وبين موضوعٍ مُدرَك ، وتتميز عن باقي معطيات الشعور بأنها تقوم في آن واحد على التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين . والمعرفة بهذا الشكل هي التي تحصل للذات العارفة بعد اتصالها بموضوع المعرفة .
كما تُطلَق “نظرية المعرفة” على البحث في إمكان المعرفة البشرية ، وفي مصادر هذه المعرفة أو الطرق الموصلة إليها .
وتعتبر “نظرية المعرفة” نظرية قديمة قِدَم الفلسفة ذاتها فقد أجاب (أفلاطون) عن جدلية العلاقة بين “الاعتقاد الصادق” وبين “المعرفة” ، بأن المعرفة هي :
“الاعتقاد المُبرَّر ، أي اعتقاد صادق مسوغ له ما يسوّغه وأن يقوم عليه البرهان والدليل” .
وبناءً على ذلك فإن هناك ثلاثة شروط أساسية لا بدّ من توافُّرها للمعرفة .
الأول :
– أن تكون القضية موضوع المعرفة صادقة أي توفر شرط الصدق .
– الثاني :
أن يكون الشخص الذي يدَّعي المعرفة في وضع ذهني إزاء القضية موضوع المعرفة . أي يعتقد في هذه القضية ويقبلها وذلك يعني شرط الاعتقاد .
الثالث :
– أن يمتلك الشخص الأدلة والبراهين التي تثبت صدق القضية موضوع المعرفة أي شرط التسويغ .
كما عالج (أفلاطون) هذا المفهوم في عدة محاور أهمها المحور “السفسطائي” ، وناقشها (أرسطو) في كتاب “النفس و الحس المحسوس” ، وظهر موضوع المعرفة بصورة دقيقة في كتاب (جون لوك) ، “مبحث في الفهم الإنساني” ، وبعد ذلك جاء (إيمانويل كانت) ليُحدِّدَ طبيعة المعرفة وحدودها وعلاقتها بالوجود .
وتَدرُسُ “نظرية المعرفة” عمليةَ البحث في إمكانية الحصول على المعرفة ، فتواجه مشكلة الشك في الحقيقة أو التيقن منها ، إذ أن التفرقة بين “المعرفة الأولية” التي تسبق التجربة وبين “المعرفة” التي يتم اكتسابها عن طريق التجربة أو ما يطلق عليه “المعرفة البَعدية” ، التي تَدرسُ الشروط لتجعل الأحكام ممكنة وتسوّغ وصف الحقيقة بالصدق وبالمطلق ، كما تبحث “نظرية المعرفة” في الأدوات التي تمكّن من العلم بالأشياء ، وتحدِّد مسالك المعرفة ومنابعها . وكان أول من وضع مصطلح “نظرية المعرفة” هو الفيلسوف الإسكتلندي (جيمس فريدريك فيرييه) حين ألف كتابه “مبادئ الميتافيزيقا” الذي قسَّم فيه الفلسفة إلى قسمين اثنين هما :
(أنتولوجيا وإبستيمولوجيا) .
أما المعنى المعاصر لمصطلح “نظرية المعرفة” في الفلسفتين العربية والفرنسية فهو :
“الدراسة النقدية للمعرفة العلمية” .
ومع أن مفهوم العلم حاضر في تاريخ الفلسفة ، ولاسيما عند (أفلاطون وأرسطو وديكارت ولوك ولايبنتز) ، فإن “نظرية المعرفة” تبقى بحثاً مستقلاً بموضوع المعرفة العلمية ، والتي لم تنشأ إلا في مطلع القرن العشرين حين اتجهت إلى تحديد الأسس التي يرتكز عليها العلم ، وكذلك الخطوات التي يتألف منها ، وإلى نقد العلوم والعودة إلى مبادئها العميقة . وكان ذلك بتأثير التقدم السريع للعلم والاتجاه نحو التخصص العلمي ، وما ولدّه ذلك من تغيّرٍ في بنية منظومة العلوم ككل ، ومن صعوباتٍ وإشكالاتٍ ذات طبيعة نظرية . وإن معظم الجدل والنقاشات التي تدور حول تحليل طبيعة المعرفة وارتباطها بالترميزات والمصطلحات مثل “الحقيقة ، الاعتقاد ، والتعليل” تدرس “نظرية المعرفة” وأيضاً وسائل إنتاج المعرفة ، كما تهتم بالشكوك حول إدّعاءات المعرفة المختلفة . وتحاول (الإبستمولوجيا) أن تجيب عن أسئلة كتلك التي تقول :
* “ماهي المعرفة ؟”
* “كيف يتم الحصول على المعرفة ؟”..
ومع أن طرق الإجابة عن هذه الأسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة ، فإنه يمكن عملياً فحص كلٍ من هذه النظريات على حِدة .
الفلاسفة التجريبيون يَرِدّون المعرفة إلى الحواس ، بينما يؤكد العقلانيون منهم أن بعض المبادىء مصدرها العقل وليست الخبرة الحسية عن طبيعة المعرفة ، بينما يرى الواقعيون أن موضوعها مستقل عن الذات العارفة .
Discussion about this post