الصحوة وطائر الفينيق
قراءة ميثولوجية
بقلم ،الأديبة اللبنانية المرموقة / زينب حسيني Zeinab Housseiny
لنص * صحوة *
للأديب المصري / محمد البنا
………………………………….
النص
صحوة
…….
استيقظت فجرًا على غير عادتي، تفاجأت باختفاء جسدي، تحسست الفراش..ولدهشتي كان لا يزال دافئا!..تحاملت على ساقين لا وجود لهما، وهرعت نحو مرآتي؛ لا انعكاس لي!!..مسحت بكفين متوهمتين سطحها..علّ وعسى، كانت المرآة ناصعة ينعكس فيها كل ما خلفي، أو على وجه الدقة كل ما أعتقد أنه خلفي..أراه بوضوح، إلا أنا!!..بأناملي فركت عينيّ متسائلًا ” هل أنا يقظ؟.. هل أنا أحلم ؟ “..عاودت تفحص المرآة..هذه المرة لمحت دمعتين، ابتسمت رغم غصة ألمت بقلبي؛ حين تعاظمت الدمعتان، حينها فقط أيقنت أنني لم أكن أحلم، أيقنت أنني هو..ذاك الذي اختفى للأبد..رغم دفء فراشه.
محمد البنا …القاهرة في ١ يونيو ٢٠٢٢
…………………..
القراءة
نص إبداعي رائع،مكثف التعابير شيق، اختلطت فيه
الفلسفة بالفانتازيا الواقعية، ليعبر فيه كاتبنا عن حالة
من التشرذم النفسي بين ما كانه في الماضي وما يبغي
أن يكونه حاضرا.
النص يعبر عن وجود لم يختره البطل أساسا، لكنه عاشه
إلى أن اتته”الصحوة” .
والصحوة هي عتبة النص التي تؤشر إلىمتن النص وإلى الخاتمة بالقول”هو ذاك الذي اختفى للأبد… رغم دفء
فراشه.
التوصيف للحالة الجسدية هو توصيف فانتازي دلالي
يذكرنا ب”مسخ”كافكا حيث يتحول البطل ألى كائن
خرافي ينكر وجوده الأول ،ويشعر بالغربة عن كل ما
يحيط به.
وليس غريبا في زمننا الحالي الشعور بالغربة الحقيقية
بتغير كل ما هو واقعي إلى شبه أسطوري، بشكل نحس
معه وكأننا فقدنا فعالية وجودنا وان الفرد منا امحى،
وانتهت صلاحيته أو صار يحرك من الخارج تحريكا آليا
وكأنه روبوت.
الإحساس بأن الجسد اضمحل وانتهى هو الدال الوحيد
على اختفاء الوجود الحقيقي مكانيا وزمانيا …
لكن ثمة ما ظل موجودا ،وهو الوجدان والفكر والعينان
اللتان تمثلان البصيرة.
لذا اتته”الصحوة” رغم إدراك الفناء المادي ،وترك الكاتب الخاتمة مفتوحة على التساؤلات والتأويل،
لعل “الصحوة” هذه تكون فاتحة لطائر الفينيق أن يبعث
بعد الترمد، ويسعى لبناء،وجود فعلي جديد يرضيه ويحس معه أنه “يعيش”ذاته الحقيقية .
تحية تقدير واعتزاز بالاديب و الناقد المبدع
الأستاذ/ محمد البنا.
زينب حسيني..بعبدا / لبنان ..في ٢ حزيران ٢٠٢٣
Discussion about this post