في مثل هذا اليوم 4 فبراير1902م..
جمعية الاتحاد والترقي تعقد مؤتمرًا في باريس بعنوان «مؤتمر أحرار العثمانية» جمع فيه المعارضين للسلطان عبد الحميد الثاني، واتخذ المؤتمر عدة قرارات منها أن تؤسس في الدولة العثمانية إدارات محلية مستقلة على أساس القوميات.
عقَدَت جمعية الاتحاد والترقي مؤتمرًا لها في باريس بعنوان “مؤتمر أحرار العثمانية” استمَرَّ خمسة أيام، جمع فيه المعارضون لنظامِ السلطان عبد الحميد الثاني، واتخذ المؤتمَرُ عِدَّةَ قرارات؛ منها: أن تؤسَّسَ في الإمبراطورية العثمانية إداراتٌ محليةٌ مستقِلَّة على أساس القوميات. وجمعيةُ الاتحاد والترقي نشأت كجمعيَّةٍ سرية باسم (اتحاد عثماني جمعيت) في عام 1889 لمجموعةٍ من طلاب كلية الطب، وهم إبراهيم طمو، عبد الله جودت، إسحاق سكوتي، وحسين زاده علي. ثم أصبحت منظمةً سياسيةً أسَّسها بهاء الدين شاكر بين أعضاء تركيا الفتاة عام 1906م، وأثناء انهيارِ الدولة العثمانية سيطرت الجمعيَّةُ على السُّلطةِ بين عامي 1908 إلى 1918م.
“الاتحاد والترقي” منظمة تركية ثورية تأسست باسم “جمعية الاتحاد العثماني” في 2 يونيو/حزيران 1889، ثم غيرت اسمها عام 1915، وسعت إلى تغيير نظام الحكم بدعوى إقامة “دولة ديمقراطية حديثة”.
استطاعت الجمعية عزل السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909 والوصول إلى الحكم، وتبنت الفكر القومي وسارت وفق المذهب العلماني في سن التشريعات والقوانين.
وشكلت حكومة الحزب الواحد، وقمعت المعارضة منذ العام 1913 حتى حلت نفسها بعد الهزيمة في الحرب العالمية الأولى عام 1918.
النشأة والتأسيس
تأسست “الاتحاد والترقي” -التي بدأت نشاطها تحت اسم “جمعية الاتحاد العثماني”- في 2 يونيو/حزيران 1889، على يد مجموعة من طلبة الطب بمدرسة الطب العسكرية في إسطنبول، وهم: إبراهيم تيمو وعبد الله جودت وإسحاق سوكوتي ومحمد رشيد.
وقد بدأ التنظيم ناديا فكريا لطلبة الطب، ولم يذهب نشاطهم أبعد من قراءة الصحف المعارِضة للحكم التي تصدر في الخارج، والأعمال الأدبية التي ألفها أعضاء “جمعية العثمانيين الجدد” مثل نامق كمال وضياء باشا.
وكان أعضاء الجمعية قد تأثروا بأفكار التحرر والديمقراطية ونظام الدولة الحديثة، من خلال الاحتكاك بالفكر الغربي، فكانوا يسعون إلى إجراء تغييرات في الدولة العثمانية وإصلاح النظام السياسي وإحلال الديمقراطية، وإقامة حكومة دستورية تحقق الحرية والمساواة والعدالة للجميع.
ثم سرت أفكار جمعية الاتحاد أو “الاتحاديين” من المدرسة العسكرية الطبية، إلى جميع المدارس العليا، فزاد عدد المنتسبين، وحاول مؤسسو الجمعية إنشاء هيكل تنظيمي فعال.
ونُظم الطلاب في شكل خلايا سرية، وفقا للنموذج التنظيمي لجمعية “كاربوناري” الإيطالية، كما تأثروا بالمحافل الماسونية في شعاراتها وهيكلها التنظيمي السري.
التوجه الأيديولوجي
مال الاتحاديون في بداية نشأتهم إلى “العثمنة” والتي كانت تهدف إلى إقامة إمبراطورية عثمانية متطورة، تستند إلى مؤسسات ليبرالية بإمكانها ضمان ولاء كل الفئات الدينية والعرقية التابعة للدولة.
ثم بدأت الجمعية بالانزلاق نحو النزعة القومية، بل ونحو الطورانية الهادفة إلى توحيد ذوي الأصل التركي، ومحاولة فرض التتريك على رعايا الدولة من قوميات أخرى، والمطالبة بتنقية اللغة التركية من الشوائب التي أدخلتها القوميات غير التركية، وخاصة العرب والفرس.
ولعبت الماسونية واليهود دورا كبيرا في ظهور التيار القومي التركي، وتأجيجه في صفوف الاتحاديين، حيث زادت حدة النزعة التركية القومية بعد الاندماج مع “جمعية الحرية العثمانية” عام 1907 ومقرها سالونيك، معقل اليهود والماسونية آنذاك.
وانضم إلى صفوف الجمعية العديد من الأعضاء ذوي النزعة القومية التركية كطلعت بك والدكتور ناظم وبهاء الدين شاكر، والذين كانوا يمثلون رموزا قيادية ومؤثرة فيها.
وتنامت هذه النزعة منذ قيام حكومة الحزب الواحد عام 1914، وكان مؤتمر الجمعية المنعقد عام 1916 نقطة تحول أيديولوجي في تاريخها، إذ أعلنت الجمعية عن تبنيها للفكر القومي التركي، وقررت تبني مبدأ العلمانية بالتشريعات والقوانين.
Ibrahim Temo
إبراهيم تيمو أحد طلبة الطب العسكري المؤسسين لجمعية “الاتحاد والترقي” (مواقع إلكترونية)
المسار السياسي
بدأت نشاطات الجمعية تتنامى وأخذ فكرها ينتشر بسرعة، فوصل إلى مسامع السلطان عبد الحميد الذي رأى أن يفرض سيطرة أكثر إحكاما على مدرسة الطب العسكري، فعين محمد زكي باشا لإدارتها.
وقام زكي بفتح تحقيق شامل بحق الجمعية عام 1893، وطُرد 9 أعضاء بارزين من المدرسة، ورُحِّلوا إلى طرابلس وفزان، وعُفي عنهم بعد بضعة أشهر، وكان بعض الأعضاء قد فروا إلى الخارج، من بينهم ناشطون في المنظمة مثل إبراهيم تيمو وإسحاق سوكوتي وعبد الله جودت.
وكان أول ظهور علني للجمعية عام 1895، عندما امتلك أعضاؤها مطبعة، فطبعوا منشورات ووزعوها بإسطنبول، وعبّروا من خلالها عن أسفهم للأحداث الدامية التي رافقت ثورة الأرمن، وحمّلوا السلطان عبد الحميد المسؤولية المباشرة.
وقد استقرت مجموعة من الاتحاديين الفارين من الدولة العثمانية وبعض الطلبة في باريس، من بينهم ناظم السالونيكي الطالب بأكاديمية الطب في باريس، وكان يحاول نشر فكر الجمعية وتوسيع دائرتها، فتواصل مع أحمد رضا بك موظف دائرة المعارف السابق بالدولة العثمانية والمقيم في فرنسا، وأقنعه بالانضمام لهم، كما تم تعيينه رئيسا لفرع باريس.!!!