في مثل هذا اليوم 27 اغسطس1635م..
وفاة لوبي دي فيغا، كاتب وشاعر إسباني.
فيليكس لوبي دي فيغا إي كاربيو (بالإسبانية: Félix Lope de Vega y Carpio، ولد في ٢٥ نوفمبر ١٥٦٢، مدريد، إسبانيا – توفي في ٢٧ أغسطس ١٦٣٥، مدريد، إسبانيا) شاعر وكاتب مسرحي إسباني. واحد من أهم الكتاب المسرحيين في العصر الذهبي الإسباني. الحجم الهائل لإنتاجه جعله أحد أغزر الكتاب في الأدب العالمي. عاش حياة مليئة بالمغامرات والمتاعب، وظل كذلك فترة حتى دخل الكنيسة، وأصبح قسيساً بها بعد عام ١٦١٤.
أَطلق عليه لقب عنقاء العباقرة ووحش الطبيعة وهي ألقاب منحه إياها ميغيل دي ثيربانتس. جدد شكل المسرح الإسباني في المرحلة التي بدأ فيها المسرح بالتحول إلى ظاهرة ثقافية اجتماعية- جماهيرية. وجنبا إلى جنب مع تيرسو دي مولينا وكالدرون دي لا باركا أخذ المسرح الإسباني الباروكي لأبعد الحدود. ما زالت أعماله تعرض في وقتنا الحاضر بعد أن أخذت الأدب الإسباني والفنون الإسبانية لأعلى المستويات. وعلى غرار المسرح فهو يعتبر أيضا من أهم الشعراء- وكتاب القصائد الغنائية في اللغة القشتالية. ألّف العديد من الروايات والأعمال السردية الطويلة في الشعر والنثر.
ينسب إليه ٣٠٠٠ سونيتة (قصيدة من ١٤ بيتاً) وثلاث روايات وأربع روايات قصيرة وتسع ملاحم وثلاث قصائد تعليمية والمئات من الأعمال المسرحية المتنوعة (١٨٠٠ وفقاً لخوان بيريث دي مونتابلان). حياته كانت غريبة- مؤثرة بقدر أعماله فكان على وفاق مع كل من كيفيدو وخوان رويث دي ألاركون على عكس لويس دي جونجورا وكانت هناك منافسة كبيرة بينه وبين ثيربانتس، كما أنه والد الكاتب المسرحي سور مارثيلا دي سان فينيكس.
فيلكس لوبي دي فيغا وكاريبو ينتمي لعائلة متواضعة أصولهم تعود لوادي كارييدو Valle de Carriede في جبل كانتابريا، والده فيلكس دي فيغا كان يعمل مطرزاً ووالدته فرانشسكا فرناندو فلوريث، ولا تتوافر معلومات كافية عنها. بعد الإقامة لفترة وجيزة في بلد الوليد انتقل والده إلى مدريد في العام 1561 منجذبا للفرص التي قد تمنحه إياها العاصمة الجديدة كمدينة يوجد فيها البلاط الملكي. ومع ذلك أكد لوبي دي فيغا لاحقاً أن والده قد انتقل لمدريد من أجل مغامرة عاطفية أنقذت والدته المستقبلية، هكذا أصبح الكاتب ثمرة التصالح والغيرة نفسها التي نجدها في أعماله المسرحية.
بدأت موهبته منذ صغره، أتقن قراءة اللاتينية والقشتالية في وقت مبكر جداً من طفولته حيث كان في الخامسة من عمره فقط، وفي العمر ذاته بدأ بنظم الشعر. دائماً على وفاق مع شهادته، في الثانية عشر من عمره التفت لكتابة المسرحيات ومن المحتمل كون أولى أعماله العاشق المخلص – والتي أكد لوبي أنه تفانى في كتابة هذا العمل المهدى لابنه لوبي ومن الممكن أيضاً أن تكون النسخة المتعارفة لدينا الآن قد تعرضت لبعض التعديلات فيما بعد منذ تاريخ صياغتها الأولى. موهبته العظيمة كانت السبب في التحاقه بمدرسة الشعراء والموسيقى بيثينته اسبينيل في مدريد، الذي كان دوماً يقتبس بوقار-تبجيل-(مسرحيته التي خصصها لأجله «فارس إيّسكاس», 1602) أيضاً السونتيات -قصائد ذات 14 بيتاً- : «تلك الريشة»، «التحفة الشهيرة»، «ما وضعتموه بين يداي»، «عندما»، «بالأحرف الأولى أوقع»، «كنت خائفاً وقليل المهارة» وأكمل ممارسته لموهبته من خلال دراسته في فرقة المسيح، والتي أصبحت فيما بعد كوليخيو امبريال Colegio Emperial في العام 1574: «حقائب الليسيون (المتحدثون بالّلغة الليسية) كمسودات لخواطري، أحياناً أنظمها بأبيات شعر باللاتينية والقشتالية، بدأت بصحبة الكتب بمختلف الحروف واللغات، في البداية اليونانية وبعدها مارست اللاتينية وأتقنت أيضاً التوسكانية (الإيطالية الفصحى)، وكنت على معرفة بالفرنسية…» (لادروتيا، 4)
درس بعد ذلك لمدة أربع سنوات (منذ عام 1577 إلى عام 1581) في جامعة ألكلا دي إناريس، لكنه لم يتمكن من نيل شهادته ربما بسبب سلوكه غير المنضبط وحبه للنساء ما جعله غير صالح للكهنوتية، هذا ما دفع أولياء أمره للتوقف عن دفع تكاليف دراسته لذلك لم يحصل لوبه على درجة البكالوريس وكان عليه أن يعمل ليكسب قوت يومه فعمل كوزير للأرستقراطيين والأسياد وأيضاً في كتابة المسرحيات والمقطوعات الظرفية. تم تجنيده في العام 1583 بأوامر من صديقه المستقبلي السيد ألبارو دي باثان، ماركيز دي سانتاكروث، في القوات البحرية للقتال في معركة بونتية ديلغادا على جزيرة تيرثيرا ضد البرتغال، وبعدها قام بكتابة مسرحية موجهة لابن الماركيز.
نفيه
بدأ بدراسة علم الصرف والنحو بصحبة رجال الدين وعلم الرياضيات في الأكاديمية الملكية وخدم كوزير للماركيز دي لاس ناباس، وبالرغم من المناصب التي شغلها إلا أن هذا لم يمنعه من الاستمرار بعلاقاته العاطفية فكانت إيلينا دي أوسوريو (ال«فيليس Filis» بقصائده) حبه الأول الكبير، وكانت منفصلة عن زوجها الممثل كريستوبال كالديرون، كرّس لوبي العديد من مسرحياته ليتم عرضها في المسرح الذي يملكه والد عشيقته المؤلف خيرونيمو باليثكيث. وافقت إيلين في العام 1587، من دون اعتراض، على إقامة علاقة مع النبيل فرانشسكو بيرينوت جرانبيلا، وهو ابن شقيق الكاردينال جرانبيلا. فقام لوبي دي فيغا بالتشهير بها وبعائلتها ووجه ضدها إهانات شفوية على شكل شعر كانت سبباّ في نفيه فيما بعد، ومنها:
من يرغب باقتناء حسناء
هل من مشتري؟ هذا المزاد في العراء
أباها هو البائع، أمها هي السمسار
والصمت يخيّم على المار……
استنكر لوبي هذا الوضع أيضاً في مسرحيته بيلاردو فوريوسو (التمثال الغاضب) وفي عدد من السونتيات والروايات الرعوية والموريسكية مما أرسله للسجن بحكم قضائي. وبعد الطعن تم عقد جلسة قضائية ثانية كان حكمها أكثر صرامة، حيث وبموجب الحكم تم نفيه لمدة 8 سنوات من البلاط الملكي وسنتين في مملكة قشتالة، مع التهديد بالقتل في حالة عصيانه للحكم.
ذكر لوبي دي فيغا بعد حين حبه لإلينا أوسوريو في رواية الحوارية («عمل نثري» كما اسماها) لا دوروتيا. ومع ذلك فقد وقع بعدها في حب إيزابيل دي ألديريتيه دي أوربينا، ابنة رسام الملك دييجو دي أوربينا، وتزوجها في 10-5-1588 بعد أن اختطفها طواعية. وذكرها في شعره باستخدام الجناس الناقص (تغير ترتيب الأحرف) إلى بيلسيا “Belisa”.
استأنف لوبي حياته العسكرية في 29-5-1588 حين تم تجنيده في الأسطول البحري «الجيش العظيم» في سفينة سان خوان، وهو ما ألهمه كتابة قصيدة ملحمية على غرار الشاعر الإيطالي لودوفيكو آريوستو في «جمال أنجليكا» حيث أستخدم الأوكتافات الفعلية (تفعيلة من 8 مقاطع) والتي اختفت فيما بعد، ومن المرجح أيضاً أن يكون انضمامه للأسطول المعادي لإنجلترا كان قراراً من عائلة إيزابيل دي أوربينا ورغبة منها للتخلص من رؤيته كونه مخالفاً للقانون وذلك لتغفر نشوة الشاب.
توجه لوبي بعد هزيمة «الجيش العظيم» في كانون الأول/ديسمبر من عام 1588 إلى توريا عاصمة فالنسيا، بعد اختراق طليطلة، وعاش مع إيزابيل دي أوربينا في فالنسيا وهناك تابع كتابة الدراما حيث تعلم الجمع بين حبكتين دراميتين في عمل درامي واحد وهذا ما يسمى إيمبروجيلو Imbrogilo، وهي تفنية إيطالية، وذلك من خلال حضوره لعدة جلسات للتجمعات الأدبية أطلق عليها أكاديميا الليل La Academia de los nucturnos، وكانت تضم: الكاهن فرانسيسكو أجوستين تارّيجا ووزير دوق غانديا جاسبر دي أغيلار وغييّن دي كاسترو وكارلوس بويل وأخيراً ريكاردو دي توريا.
بعد امتثاله لمدة سنتين بالنفي من- المملكة، تم نقله إلى طليطلة عام 1590 لخدمة السيد فرانسيسكو دي ريبيرا بارّوسو، بعدها انتقل لخدمة الماركيز دي مالبيكا الثاني، وبعد حين لخدمة دوق دي ألبا الخامس، السيد أنطونيو ألباريث دي طليطلة إي بيمونت. ولهذا تم إدراجه كخادم لحجرة النوم الملكية الدوقية لألبا دي تورميس، حيث عاش هناك لفترة ما بين عام 1592 وعام 1595، وهناك أيضاً قرأ الأعمال المسرحية لخوان ديل إنثينا واقتبس منه الشخصية ذات الطابع المضحك Donaire، وهو الذي أغنى نظمه الدرامي بشكل مثالي. وفي خريف عام 1594 توفيت إيزابيل دي أوربينا نتيجة لمضاعفات النفاس. كتب بعدها روايته الرعوية لا أكاديا والتي تضمنت عدداً هائلاً من القصائد.
العودة إلى قشتالة
في كانون الأول/ ديسمبر 1595، بعد امتثاله لثماني سنوات من النفي في المحاكم فعاد إلى مدريد. في السنة التالية، حوكم بسبب علاقة فعلية مع الممثلة الأرملة أنطونيا ترييو. في 1598 تزوج من خوانا دي جواردو، ابنة مورّد لحوم ثري إلى البلاط، فعرضه لسخرية مختلف النوابغ مثل لويس دي جونجورا، فعلى ما يبدو كانت امرأة مبتذلة، وظن الجميع أن لوبي قد تزوجها بسبب المال لأن الحب لم ينقصه (كان يأتي ويذهب إلى طليطلة حيث كان له عشيقات مثل الممثلة ميكايلا دي لوخان) وكان له أطفال (خمسة من ميكايلا) وأصدقاء عدة، على سبيل المثال الشاعر بالتاسار إليسيو دي ميدينيا الذي أهداه مسرحية سانتياجو الأحمق (Santiago el Verde) حوالي عام 1615. وبكى لوبي ميكايلا في شعره بسبب موتها في حادث قتل عرضي عام 1620. كان له منها ابنه الحبيب، كارلوس فيليكس، وثلاث بنات.
ومن ثم عاد للعمل كأمين شخصي لبيدرو فيرنانديث دي كاسترو إي أندرادي، في ذلك الوقت كان ماركيز سارّيا وأصبح لاحقا كونت ليموس، وه من كتب إليه في رسالة: «أنا الذي ارتمى تحت قدميك، كالكلب المخلص، ونمت», وبقي هناك حتى 1603, في اشبيلية. وقع في الحب مع الممثلة ميكايلا دي لوخان، وهي ذاتها «سيليا» أو «كاميلا لوسيندا» في قصائده؛ كانت امرأة جميلة، لكنها غير متعلمة ومتزوجة، حافظ على علاقته بها حتى عام 1608 وكان لها منها خمسة أبناء، من بينهم اثنين من المفضلين عنده: مارسيلا 1606 ولوبي فيليكس 1607. في عام 1608 فقدت المراجع الأدبية والسيرة الذاتية لميكايلا دي لوخان، ولكنها كانت فريدة بين النساء اللاتي عشقهن فينيكس وانفصالهما لم يترك أي أثر في أعماله.
لسنوات عديدة تردد خلالها لوبي بين المنزلين وعدد غير معروف من العشيقات، معظمهن ممثلات، من بينهن خيرونيما دي بورغس، ويشهد الإجراء القانوني المفتوح ضده عام 1596 على عيشه مع أخرى تسمى أنطونيا تريو؛ ومن بين عشيقاته أيضاً ماريا دي أراغون. لإدامة هذه الحياة والحفاظ على العديد من العلاقات والأطفال الشرعيين وغير الشرعيين، أظهر لوبي دي فيغا صلابة وإرادة غير مألوفة فاضطر للعمل الشاق، خاصة في الشعر الغنائي والمسرحيات، وطبعت هذه الأخيرة مرات عديدة دون الحصول على إذنه دون تصحيح الأخطاء فيها.
في سن الثمانية وثلاثين تمكن أخيراً من تصحيح وتحرير جزء من عمله دون أخطاء. وكأول كاتب محترف في الأدب الإسباني، ناضل للحصول على حق التأليف والنشر لمسرحياته المطبوعة دون ترخيص منه. وقد نجح، على الأقل، في الحصول على حق تصحيح عمله الخاص.
في عام 1605 التحق بخدمة لويس فرنانديث من قرطبة وأراغون، دوق سيسّا السادس. ووقد عذبته هذه العلاقة لسنوات، عندما تولى الأوامر المقدسة واستمر النبيلة في استخدامه سكرتيراً وقوّاد نساء، إلى حد رُفض تقديمه طلب الغفران في الكنيسة.
وفي عام 1609 قرأ ونشر «فن العمل المسرحي الجديدة»، وهو عمل تنظيري أساسي، مخالف لتعاليم الفكر الأرستقراطي الجديد، وانضم إلى «رهبنة عبيد القربان المقدس» في منبر كاباييرو دي جراثيا، التي ينتمي إليها تقريبا أشهر الكتاب في مدريد. وكان من بين هؤلاء فرانثيسكو دي كيفيدو، الذي كان الصديق الشخصي للوبي، وميغيل دي ثيربانتس. وقد توترت العلاقات بينهما بسبب تلميحات ضد لوبي في الجزء الأول لدون كيخوتي 1605. في العام التالي تم تعيينه للخطابة في شارع بستان الزيتون (la calle del Olivar).
الكهنوت
بالنسبة للوبي دي فيغا كانت مرحلة أزمة وجودية عميقة له، ربما سببها وفاة أهم أقاربه، فجعلته يميل أكثر إلى الكهنوت. وهو ما ألهمه كتابة «القوافي المقدسة» والعديد من الأعمال التعبدية، وكذلك الإلهام الفلسفي في آخر الأبيات. كانت السيدة خوانا دي جواردو تعاني من أمراض متكررة، وفي عام 1612 توفي كارلوس فيليكس من الحمى. في 13 آب/ أغسطس من السنة التالية، توفيت خوانا دي جواردو وهي تلد فيليثيانا. أثّرت العديد من المصائب عاطفياً على لوبي، فقرر في 24 أيار/ مايو لعام 1614 أن يُرسَم كاهناً. ونتيجة تأمل لوبي بعمق في حياته وصل إلى بعض النتائج المثيرة للقلق: «لقد ولدت في طرفين، وهما الحب والكراهية؛ ولم يتح لي أن أكون في المنتصف أبداً… لقد كنت تائهاً، وإذا كنت كذلك في حياتي، فمن روح وجسد امرأة، ويعلم الله يعلم ما أشعر به، لأنني لا أعرف كيف يجب أن تكون النهاية، أو العيش من دون الاستمتاع بها…» 1616.
كان التعبير الأدبي لهذه الأزمة في «القوافي المقدسة», المنشورة عام 1614؛ والتي تقول: «إذا كان الجسم يريد أن يكون ترابا في الأرض/ فالروح تريد أن تكون جنة في السماء», وهي ثنائية تشكل جوهره هو. وتتشكل «القوافي المقدسة» من كتاب واحد من سونيتات (يستخدم تقنية التمارين الروحية التي تعلمها في دراسته مع اليسوعيون) كطريقة تعبّد في قصائد كتبها خصيصاً لمختلف القديسين أو مستوحاة من الأيقونية المقدسة، وتم نشرها كاملة بفضل توصيات مجمع ترنت. ثم فاجأته ثورة الأسلوب الجمالي في قصيدة «الخلوة» للويس دي جونجورا، فزادت التوتر الجمالي في أشعاره وبدأت تظهر بعض الانقسامات في نهاية مقاطعه الشعرية. ابتعد عن التقعرية وتابع غرس مزيجه المميز من اللوذعانية والنقاوية في اللغة القشتالية والأناقة الإيطالية. هاجم الأسلوب الجمالي الجديدة وسخر منها كلما أتيحت له الفرصة، فرد جونجورا بالهجاء على عدوانيته هذه، كان فينيكس (لوبي) يقدم أطروحاته دائماً بشكل غير مباشر مستفيداً من بعض زوايا مسرحياته للهجوم أكثر من استفادة جونجورا نفسه من تلاميذه، وهي طريقة ذكية للتعامل مع الأسلوب الجمالي الجديد يرتبط مع مفهوم لوبي الشهير في الهجاء: «اطعن بلا كراهية، فإذا شوّهت سمعة.. فلا تنتظر مجداً ولا شهرة». على أية حال، حاول أن يؤثر ببراعة غامضة على العبقري القرطبي (جونجورا) من خلال مسرحيته «الحب السري حتى الغيرة» 1614, وهو عنوان يحمل معنى مقصوداً. ومن ناحية أخرى، حارب نظريات أتباع منهج أرسطو في الحفاظ على الوحدات الثلاثة في العمل الدرامي المسرحي: المكان والزمان والحدث، وتصدى له شعراء مثل كريستوبال دي ميسا وكريستوبال سواريث دي فيغيروا وقبل كل شيء بيدرو دي توريس راميلا مؤلف «الإسفنجة» 1617, فوجهوا له إهانة لا تُعنى بتشويه سمعة مسرح لوبي فقط بل أيضاً بجميع أعماله السردية والملحمية والغنائية. وردّ ضد هذه الإهانة أصدقاؤه الإنسانيين بغضب، يرأسهم فرانثيسكو لوبيث دي اجيلار.
بالنيابة عن لوبو فيغا كاربيو (Lupo a Vega), Poetarum Hispaniae Principe. أثنوا على أعمال لوبي وجعلوها بمقام توماس تامايو دي بارجس، بيسنت مارينر، لويس تريبالذوس دي توليدو، بيدرو دي باديا، خوان لويس دي لا ثيردا، هورتينسيو فيليكس بارافيثينو، بارتولوميه جينيميز باتون، فرانثيسكو دي كيفيدو، دييغو دي سيلفا وميندوزا وبيثينتي اسبينيل، بين آخرين أقل شهرة. بتشجيع من هذا الدعم، لوبي، وعلى الرغم من محاصرته بالانتقادات من قبل أتباع أرسطو والشعراء التقعريين، إلا أنه واصل محاولاته في الكتابة الملحمية. وبعد قصيدة «بوليفيمو» لجونجورا، كتب لوبي الخرافة الأسطورية واسعة النطاق في القصائد الأربعة: «فيلومينا» 1621؛ حيث هاجم توريس راميلا، و«المرأة المسلسلة» La Andrómeda 1621, و«ثيركي» La Circe 1624، والوردة البيضاء La rosa blanca 1624؛ وبلاسون blasón ابنة الكونت- دوق الذي كشف أصل الأسطورة المعقدة. وعاد إلى الملحمة التاريخية مع التاج المأساوي La corona trágica 1627, في 600 ذات مقاطع ثمانية حول حياة ماري ستيوارت وموتها.
سنواته الأخيرة
وقع لوبي دي فيغا في حب مارتا دي نيباريس في السنوات الأخيرة من حياته وكانت امرأة في غاية الجمال ذات عيون خضراء اللون كما يصرح لوبي في قصائده التي نظمها داعيا إياها «أمارلس» أو «مارثيا ليوناردا»، وكذلك في «الروايات» التي أهداها إياها. ويمكن اعتبار ذلك «انتهاك للحرمات» بصفته كاهن.
اهتم لوبي في هذه فترة من حياته بالشعر الكوميدي والفلسفي على وجه الخصوص، مقلداً الشاعر الهيتيرونيمو الساخر توميه دي بورغيوس متفكراً في الشيخوخة والشباب الطائش حيث كتب قصائد الرومانس وأشهرها المعنونة «السلال».
دخل لوبي في رهبانية فرسان مالطة عام 1927. وحتى هذا التاريخ يوجد جدل فيما إذا كان على لوبي إحضار دليلاً على شرف نسبه من عائلة أبيه وإعفائه من المعسكرات الثلاثة الإلزامية الأخرى، أو فيما إذا كان قد حصل على هذا الحق الحصري بأمر من البابا فوافق عليه المعلم الكبير في فرسان مالطة.
على ايَة حال، انضمامه هذه كان شرفاً كبيراً للوبي، وحتى في اللوحة الأكثر شيوعا له يلبس ملابس القديس يوحنَا. وقاد شغفه برهبانية الفرسان على وجه العموم ورهباية مالطة على وجه التحديد إلى كتابة عمل مسرحي بين عامي 1596 و1603 يدعى «قيمة مالطة» وتدور أحداثها حول النضالات البحرية التي حافظ عليها الفرسان في البحر الأبيض المتوسط ضد الأتراك.
وبالرغم من التكريمات التي تلقاها لوبي من الملك والبابا إلا أن السنوات الأخيرة من حياته كانت بائسة؛ فقد عانى من عودة مارتا كفيفة من جديد عام 1626 ومن موتها مجنونة عام 1628. وكذلك غرق ابنه لوبي فيليكس، وهو من «ميكايلا دي لوخان»، وكان له موهبة شعرية أيضا، وقد غرق وهو يصيد اللؤلؤ عام 1634 في جزيرة مارغريتا في ساحل فنزويلا. واختطفت ابنته الحبيبة «انتونيا كلارا» من قبل نبيل كان صديقا لها ملقب بـ «تينوريو فيليثيانا». وكان لديه ابنة شرعية واحدة أصبحت راهبة تدعى مارثيلا وهي الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة، وابنه النقيب لويس انتونيو دي فيغا الذي توفي في ميلان في خدمة لملك.
توفي لوبي دي فيغا في 27 أغسطس (آب) عام 1635, وكتب في مديحه مائتان من المؤلفين ونشر في مدريد وفينيسيا. وحصلت أعماله خلال حياته على شهرة أسطورية. وكانت جملة «هي للوبي» مستخدمة بشكل متكرر جدا لوصف شيء في قمة الامتياز، رغم أنها لم تساعد دائما على نسب أعماله إليه. وبهذا الخصوص يروي تلميذه خوان بيريث دي مونتلبان في «شهرته بعد الوفاة حياة وممات الدكتور لوبي دي فيغا» (مدريد، 1636) المطبوع برصانة لتمجيد ذكرى فينيكس أن رجلا شهد مرور جنازة رائعة فقال: «كانت للوبي» فأضاف مونتلبان: أنه «نجح مرتين» (أي في حياته وفي مماته). وعلى الرغم من كراهية ثيربانتس للوبي الا أنه أطلق عليه اسم «وحش الطبيعة» نظرا لخصوبته الأدبية.!!!