في مثل هذا اليوم 3 اكتوبر1993م..
القوات الأمريكية تدخل إلى مقديشو عاصمة الصومال ومقتل أكثر من 7000 شخص
معركة مقديشو وتعرف أيضًا باسم حادثة سقوط طائرة بلاك هوك، هي جزء من عملية الثعبان القوطي. وقعت في 3-4 أكتوبر 1993 في مقديشو، الصومال بين قوات الولايات المتحدة (المدعومة من عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال) ضد قوات التحالف الوطني الصومالي والمواطنين المسلحين غير النظاميين في جنوب مقديشو.
كانت المعركة جزءًا من الحرب الأهلية الصومالية التي استمرت عامين. أرسلت الأمم المتحدة في البداية قواتها للتخفيف من حدة المجاعة في جنوب البلاد، تطورت المهمة بعد ذلك لتشمل إنشاء نظام ديمقراطي واستعادة الحكومة المركزية. في يونيو 1993، تعرضت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لواحد من أشد الحوادث دموية منذ عقود حين تعرضت الوحدة الباكستانية لهجوم أثناء قيامها بتفتيش موقع لتخزين الأسلحة تابع للتحالف الوطني الصومالي. ألقت عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال باللوم على زعيم الجيش الوطني الصومالي محمد فرح عيديد وبدأت بعملية مطاردة.
في يوليو 1993، بدأت القوات الأمريكية في مقديشو بعملية الإثنين الدامي بحثًا عن عيديد، مما أسفر عن مقتل العديد من شيوخ وأعضاء بارزين من عشيرة عيديد المعروفة باسم هبر جدير. دفعت هذه الغارة بالعديد من سكان مقديشو إلى الانضمام للقتال ضد عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال، وفي الشهر التالي، هاجم عيديد والجيش الوطني الصومالي عمدًا أفرادًا أمريكيين للمرة الأولى، مما دفع بدوره الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى إرسال فرقة خاصة للقبض على عيديد.
في 3 أكتوبر 1993، بدأت فرقة المهمات عمليةً تضمنت السفر من مجمعهم الواقع على مشارف المدينة إلى مركزها بهدف القبض على زعماء عشيرة هبر جدير، وعلى رأسهم محمد فرح عيديد. تألفت القوة المهاجمة من 19 طائرة، و12 مركبة (متضمنةً 9 مركبات هامفي)، و160 رجلاً. حُددت مدة العملية بساعةً واحدةً على أبعد تقدير.
بعد وقت قصير من بدء الهجوم، أسقطت الميليشيات الصومالية والمقاتلون المدنيون المسلحون طائرتي هليكوبتر من طراز إم أتش-60 إل بلاك هوك. أسفرت العملية اللاحقة والتي هدفت إلى تأمين واستعادة طاقمي كلتا المروحيتين عن تحويل العملية الأولية إلى مواجهة ليلية تتبعها عملية إنقاذ نهارية في الرابع من أكتوبر. حصدت المعركة أرواح 18 شخصًا مع إصابة 73 آخرين وأسر طيار إحدى المروحيتين ضمن حصيلة الخسائر التي تكبدتها صفوف القوات المهاجمة الأمريكية وقوات الإنقاذ. قُتل جندي باكستاني واحد على الأقل وجندي ماليزي من قوات الإنقاذ في اليوم الثاني من المعركة. تقدر المصادر الأمريكية وقوع ما بين 1500 و3000 ضحية صومالية، بمن فيهم مدنيون؛ أعلن التحالف الوطني الصومالي عن مقتل 315 شخصًا وجرح 812 آخرين.
خلال العملية، أُسقطت طائرتا هليكوبتر أمريكيتان من طراز بلاك هوك بواسطة أسلحة الآر بّي جي وأصيبت ثلاث أخرى بأضرار. تمكن بعض الناجين المصابين من الهرب إلى المجمع الذي تمركز فيه الأمريكيون، الأمر الذي فشل به آخرون ظلوا بالقرب من مواقع التحطم ما تسبب في عزلهم. تلا ذلك معركة ضارية استمرت طوال الليل.
في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، أُرسلت فرقة مهمات مشتركة لإنقاذ الجنود المحاصرين. ضمّت الفرقة جنودًا من الجيش الباكستاني والجيش الماليزي والفرقة الجبلية العاشرة في الجيش الأمريكي. حُشدت أكثر من مئة مركبة تضمنت دبابات باكستانية (إم 48) وناقلات جنود مدرعة من طراز كوندور تابعة للجانب الماليزي، بالإضافة إلى دعم مروحيتين أمريكيتين من طرازي إم إتش-6 ليتل بيرد وإم إتش-60 إل بلاك هوك. وصلت فرقة المهمات هذه إلى موقع التحطم الأول وأنقذت الناجين. حوصر بعض الجنود الأمريكيين في إحدى مراحل المعركة، وتعرضوا لإطلاق نار كثيف في بازار المدينة تمكنوا من النجاة منه نتيجة قدوم الجيش الباكستاني الذي فك الحصار عن الجنود الأمريكيين. اجتاحت القوات الصومالية المعادية موقع التحطم الثاني خلال الليل. تطوع قناصان من قوة دلتا، غاري جوردون وراندي شوغارت، لعرقلة تقدم الصوماليين لحين وصول القوات البرية. وفي نهاية المطاف، تمكنت عصابة صومالية ضمت آلاف المقاتلين من التغلب على القناصين. أُسر الناجي الأمريكي الوحيد في ذلك الموقع، الطيار ميخائيل دورانت، لكن أُطلق سراحه لاحقًا.
يبقى العدد الحقيقي للخسائر الصومالية مجهولًا، لكن تتراوح التقديرات بين عدة مئات إلى ألف من رجال الميليشيات وغيرهم من القتلى، مع إصابة وجرح 3000-4000 آخرين. تشير تقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مقتل 200 مدني صومالي وجرح عدة مئات في المعركة، مع تقارير تؤكد تعرض بعض الأمريكيين للهجوم من قبل المدنيين. يذكر كتاب «إسقاط الصقر الأسود: قصة عن الحرب الحديثة» مقتل أكثر من 700 رجل من الميليشيات الصومالية وجرح ما يزيد على 1000 آخرين، لكن لم يعترف التحالف الوطني الصومالي في فيلم وثائقي قدمه برنامج فرونتلاين على شاشات التلفزيون الأمريكي إلا بوقوع 133 قتيل فقط في المعركة بأكملها. أوردت واشنطن بوست قائلة إن أعداد الضحايا الصوماليين قد بلغت 312 قتيل و814 جريح. أفاد البنتاغون في البداية بمقتل خمسة جنود أمريكيين، ولكن كُشف لاحقًا عن العدد الحقيقي البالغ 18 قتيلًا من الجنود الأمريكيين و73 جريحًا. بعد ذلك بيومين، قُتل جندي إضافي، مات ريرسون، وهو رقيب أول في قوة دلتا إثر هجوم بقذائف الهاون. خسرت قوات الأمم المتحدة جنديًّا ماليزيًا وآخر باكستاني، وأصيب سبعة ماليزيين واثنين من الباكستانيين. اعتُبرت المعركة حينها أكثر معارك القوات الأمريكية دموية منذ حرب فيتنام، وحافظت على ذلك اللقب حتى معركة الفلوجة الثانية في عام 2004.
في 24 يوليو 1996، أصيب عيديد أثناء تبادل لإطلاق النار بين ميليشياته والقوات الموالية لحلفاء عيديد السابقين، علي مهدي محمد وعثمان علي عاتو. تعرّض لأزمة قلبية قاتلة في 1 أغسطس 1996، خلال عملية جراحية لعلاج إصاباته أو بعدها كما تشير بعض الروايات. تقاعد الجنرال غاريسون في اليوم التالي لوفاةعيديد.!!