في مثل هذا اليوم6 ديسمبر1942م..
ميلاد بيتر هاندكه، كاتب نمساوي.
بيتر هاندكه Peter Handke (ولد في 6 ديسمبر 1942 في جريفن في مقاطعة كيرنتن) هو كاتب ومترجم نمساوي، حاصل على جائزة نوبل للآداب للعام 2019. أشهر مؤلفاته المُترجمة إلى العربية رواية الشقاء العادي.
ولد بيتر هاندكه في بيت ألتنمارك رقم 25 بيت جده جريجور زيوتس في السادس من ديسمبر 1942 حوالي الساعة السابعة إلا الربع. وعمد بعد يومين في كنيسة جريفن الكاثوليكية. ولم تتأثر الأسرة في البداية بالحرب العالمية الثانية. وفي عام 1944 قررت ماريا هاندكه القيام بزيارة إلى برلين إلى والدي زوجها ولكنها عادت قبل نهاية الحرب بقليل إلى بيت الجد. وفي تلك الفترة ظهرت آثار الحرب في جريفن. فتم ترحيل الأهالي ذوي الأصل السلوفيني إلى معسكرات التجميع وغزيت منطقة فدائيو تيتو. إلى جانب سقوط القنابل، وكان سكان القرى يلجأون إلى التجاويف الصخرية كمخابئ تقيهم من الغارات الجوية.
هاندكه قد لفت الانتباه إليه قبل صدور روايته الأولى في مطلع عام 1966، خلال اشتراكه في اجتماع لجماعة 47 في برينستون وكان حينذاك يستخدم تسريحة شعر رأس عيش الغراب Pilzkopf-Frisur بأسلوب البيتلز. فبعد قراءات لكتاب استمرت لساعات تكلم هاندكه فأعرب عن اشمئزازه من كتاباتهم وتلا كلمة مليئة بالشتائم الطويلة تحدث فيها عن صعف الوصف للكتاب وكذلك تناول النقد الأدبي فقال عنه «أنه سخيف مثل هذا الأدب السخيف».وقد كسر بتلك الكلمة تابوها لأنه كان من المتفق عليه ألا تدبر جدالات أساسية حول المواضيع الأدبية. فأساس الحوارات ينبغي أن يكون دائما النص المتناول لا جوهر الأدب في حد ذاته. ويظهر تسجيل صوتي أن هاندكه نجح في إثارة الضحكات والهمهمات والنداءات الجانبية، وبالرغم من أنه كان يقصد بكلمته تلك بعض زملائه من بينهم جونتر جراس – كما تبين التعليقات اللاحقة- فإن نقده ذلك قد تمت إعادة صياغته وربما التلطيف منه بحيث ظل هاندكه عامة غير معترض على وجوده في الجماعة. فقد نقد هاندكه الأساس الأدبي ذاته وأصبحت كلمته تلك موضوعا للنقاش في الأركان الأدبية في الصحف. وفي نفس العام قام المخرج كلاوس بايمان بتقديم مسرحيته الكلامية شتم الجمهور على المسرح للمرة الأولى. ودام ارتباطه ببايمان كصديق ومخرج حتى اليوم. وقد احتفى نقاد المسرح بهذه المسرحية المثيرة الجديدة من نوعها. وحينذاك انطلقت شهرة هاندكه بشكل نهائي ككاتب. وكذلك مسريحاته الكلامية التي كتبها من قبل وهي النبوءة وتأنيب النفس، فقد أخرجهما جونتر بيش وعرضت للمرة الأولى في اوبرهاوزن واستقبلها النقاد بشكل إيجابي. وأصبح بيتر هاندكه في غضون شهور نجما شعبيا للمشهد الأدبي الألماني. وفي عام 1966 تلقت رفيقة هاندكه وزوجته اللحقة الممثلة ليبجارت شفارتس عرضا للعمل في مسرحيات الجيب في دوسلدورف. ولذلك فقد انتقل كلاهما في أغسطس 1966 إلى دوسلدورف.
عاش هاندكه في دوسلدورف حتى عام 1968. ونشر في تلك الفترة روايته البائع المتجول في عام 1967 ومسرحيته الكلامية كاسبار (عرضت للمرة الأولى في 11 مايو 1968 في فرانكفورت بإخراج كلاوس بايمان). وفي عام 1967 قرأ هاندكه الإذهال لتوماس بيرنهارد، وانعكست تجربة القراءة تلك في نص بعنوان حين قرأت الإذهال لتوماس بيرنهارد. وفي تلك الفترة كان لتوماس بيرنهارد تأثير واضح على هاندكه. لكن فيما بعد تطور رفض متبادل بيت الكاتبين النمساويين. في عام 1968 انتقل الزوجان إلى برلين حيث ولدت ابنتهما أمينا Amina في 20 أبريل 1969. وعنت الابنة لهاندكه حين كانت رضيعة تحولا كاملا في أسلوب حياته آنذاك. فقد قال حينها انه يقضي الوقت عبثا في المنزل ولا يستطيع التفكير بسب بكاء ابنته المتواصل، لكنه قال فيما بعد أن ابنته كانت بالنسبة له حدثا هاما ومفعما بالحب. وفي عام 1969 اشترك هاندكه في تأسيس دار نشر فرانكفورت للكتاب. وفي عام 1970 انتقلت الأسرة إلى باريس، ورغم أنه اتخذ باريس كمسكن أساسي له اليوم، إلا أن ذلك القرار كان قصيرا الاجل في تلك الفترة. فاشترى بيتا يقع على أطراف الغابة قرب كرونبرج انتقلت الأسرة إليه في عام 1970. لكن في تلك الفترة انهار الزواج. وكان الأبوان يتناوبان على الرعاية بالابنة، وهكذا استمر الأمر عدة شهور حتى غادرت الام البيت وركزت على عملها. ومن الآن فصاعدا فقد اهمت الأب هاندكه بالابنة وانفصل عن زوجته بشكل رسمي في عام 1994 في فيينا.
سنوات في باريس (1971 – 1978)
في ليلة 20 نوفمبر فارقت الحياة أمه ماريا هاندكه بعد سنوات من معاناتها الاكتئاب المرضي. وقد قد تناول هاندكه ذلك الحاذث في قصته بعنوان محنة في عام 1972, وحولت إلى فيلم سينمائي في عام 1974. وقبل رحيلها بقليل زارزارها بيتر هاندكه في يوليو 1971مع زوجته وابنته للمرة الأخيرة. وقد سبقت الزيارة رحلة عبر الولايات المتحدة مع زوجته والكلتب ألفريد كولريتش.
وفي نفس العام نشر هاندكه الرسالة القصيرة في الوادع الطويل في 1972، والذي يحوي أجزاء من رحلة هاندكه إلى الولايات المتحدة. وفي نوفمبر 1973 انتقل مع ابنته إلى باريس ثم غلى كلامار جنوب غرب باريس في عام 1976 وظل مقيما هنالك حتى عام1978. وفي بداية السبعينيات حصل على عدة جوائز منها جائزة شيلر 1972 في مانهايم، وجائزة جيورج بوشنر من الأكاديمية الألمانية للغة والأدب 1973 في دارمشتات. وبعد عام صدرت مسرحية الأغبياء ينقرضون 1974 وعرضت في زيورخ، وفي نفس الفترة قام المخرج فيم فيندرزصديق هاندكه ورفيق دربه بتحول حركة خاطئة إلى السينما في عام 1975.
ونشرت جولة بالحصان عبر البودنزيه في عام 1971, وتعتبر أكثر أعماله نجاحا في فرنسا وساهمت بالتعريف بالكاتب. وبعد عام صدرت قصته ساعة الشعور الحقيقي في عام 1975، وبدأ كتابة يومياته وزن العالم في عام 1977, والتي ظلت تنشر متفرقة حتى عام1990. وفي عام 1976 أدخل الكاتب المستشفى لإصابته بنوبات خوف مرضية واضطرابات في ضربات القلب.
وفي العام التالي كان تحويل قصته المرأة الشولاء إلى فيلم. وخلال تلك الفترة لم يفقد هاندكه صلته بوطنه النمسا، وانضم بين عامي 1973 و1977 إلى تجمع كتاب جراتس، وفي عام 1978 ظلت ابنته أمينا لدى أمها في برلين. وأثناء ذلك قام برحلة إلى ألاسكا وعاد عبر نيويورك إلى وطنه. وكانت تلك العودة في نهاية 1978 تمثل أكبر أزمة تهدد مسيرته الأدبية. وفي رسائل تبادلها مع هيرمان لينتس وصف له يأسه الذي رافقه لدى كتابة قصته عودة طويلة إلى الوطن.
العودة إلى النمسا (1979 – 1987)
بعد إقامة طويلة في مدن أوروبية مختلفة عاد بيتر هاندكه في أغسطس 1979 إلى النمسا. واتخذ مسكنا في زالتسبورج في مونشسبرج في بناء ملحق بمنزل صديقه هانس فيدريش، وظل مقيما هناك حتى نوفمبر 1987. وفي فترة الاستقرار الطويلة غير العادية تلك كان يقوم بنزهات وكان يعود دائما ثانية إلى زالتسبورج. في بداية تلك الفترة نشرت رباعيته عودة طويلة إلى الوطن. ونشر الجزء الأول الذي يحمل نفس الاسم في 1979، وكان يعني اجتياز ونهاية الأزمة التي ألمات به منذ 1978. وحصل هاندكه في هذا العام على جائزة فرانتس كافكا وكان أول من يمنحها. وكتبت الأجزاء الثلاث الباقية من هذه الرباعية في زالتسبورج. وصدرت تعاليم سانت فيكتوار في 1980 والمسرحية الدرامية عبر القرى 1982 وقصة للأطفال 1981 حيث تتميز القصة بسمات ذاتية وبنظرة جدلية إلى سنوات باريس. وفي بداية الثمانينات بدأ هاندكه عن وعي بترجمة كتاب من لغات أخرى غير مشهورين إلى الألمانية، حتى لا يضيق على المترجمين المحترفين عملهم وأيضا لكي يكسب هؤلاء الكتاب درجة أكبر من الشهرة. وانصب اهتمامه على أن يلقى الضوء على الأدب السلوفيني في المنطقة المتكلمة بالألمانية. كما ترجم من الإنجليزية والفرنسية والسلوفينية وأخيرا من اليونانية القديمة (بروميتيوس مقيدا) 1986. وكتب قصة صيني الألم في عامي 82/1983 في زالتسبورج ونشرت في عام إتمامها. وفي روايته الملحمية التكرار 1986 يتناول هاندكه السلوفينيين في كيرنتن وقصتهم. ونشرت في نفس الفترة قصيدة إلى الاستمرار. وانتهت عصرية كاتب فترة زالتسبورج. وفي نفس العام كتب سيناريو فيلم «السماء فوق برلين» للمخرج فيم فيندرس وحصل هذا القيلم على العديد من الجوائز على المستوى الأوروبي. وبعد فترة ثمانية سنوات من الكتابة والإقامة غادر الكاتب زالتسبورج بعد إتمام ابنته الثانوية، ثم تلا ذلك فترة من السفر الدائم إلى بلدان عديدة استمرت ثلاثة أعوام.
من 1988 حتى اليوم
بعد رحلته العالمية (1987 – 1990) يعيش بيتر هاندكه منذ عام 1991 في شافيل في باريس وأحيانا في زالتسبورج. ابنته امينا درست الرسم وتشكيل الميديا البصرية. وقد أنجب ابنة ثانية هي ليوكادي في عام 1992 من الممثلة الفرنسية صوفي سيمن، واتخذ بين عامي 2001 و2006 من الممثلة كاتيا مكينت رفيقة له.
بيتر هاندكه وفيم فيندرس
ارتبط هاندكه بالمخرج الألماني فيم فيندرس بصداقة طويلة بدأت عام 1966 وكذلك بعلاقة عمل، وتعتبر هذه أطول صداقة في حياة فيندرس. تعرف على هاندكه خلال فترة دراسته بعد عرض مسرحيته «سب الجمهور» في مسرح أوبرهاوزن. وجمعت بين الفنانين صفات شخصيات كثيرة وروابط جمالية. وقد جمعهما بصفة خاصة الميل إلى الوصف الوجودي المكثف وأحيانا للمناظر الطبيعية والتي يولونها اهتماما وأهمية أكثر من الكلمات والأحداث لدى الشخصيات في إنتاجهما الأدبي والسينمائي. وبين عامي 1969 و1987 اشترك الاثنان في إنتاج أربعة أفلام وهي أجنحة الرغبة (1987)، 3 أسطوانات أمريكية، خوف حارس المرمى من ضربة الجزاء، وحركة خاطئة. وفضلا عن ذلك فقد تأثر فيندرس خلال مطالعته لما ينشر هاندكه في قراراته الهامة في حياته وأعماله، وفي اهتمامه بأدب الرحلات وأدب الطريق. وقد أنتج فيندرس سلسلة حول الموضوع في الولايات المتحدة.!!
Discussion about this post