حق تقرير المصير هو مصطلح في القانون الدولي يعني منح الشعب أو السكان المحليين إمكانية أن يقرروا شكل السلطة التي يريدونها وطريقة تحقيقها بشكل حر وبدون تدخل خارجي.[1][2][3]
يُنسب هذا المصطلح إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية وودرو ويلسون مع أنه جرى قبله استخدام مصطلحات مشابهة. كان مبدأ حق تقرير المصير في جوهر اتفاقية فرساي التي وُقعت بعد الحرب العالمية الأولى، وأمر بإقامة دول قومية جديدة في أوروبا بدلاً من الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية الألمانية. وفيما بعد كان هذا المبدأ أساس المطالب المناهضة للاستعمار، بمعنى الدعوة إلى إلغاء السيطرة الأوروبية الاستعمارية على أفريقيا وآسيا.
تطرق مصطلح «تقرير المصير» منذ البداية إلى السكان الذين تربط بينهم لغة مشتركة وثقافة مشتركة (“قومية“) والمقيمين في منطقة محددة. جرى تطبيق حق تقرير المصير من خلال الإعلان عن المنطقة وعن الجمهور المقيم عليها كدولة قومية، أو كجزء يتمتع بحكم ذاتي داخل اتحاد فدرالي. وقد اتضحت الإشكالية الكامنة في تطبيق مبدأ حق تقرير المصير في الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين، وتمثلت تلك الإشكالية في أن قبول جميع المطالب بحق تقرير المصير قد هدد بتقسيم أوروبا إلى دويلات صغيرة وخلق المزيد من الحدود السياسية التي تحول دون العبور الحر للناس والبضائع. حاولوا حل هذه الإشكالية من خلال إقامة فدراليات مثل يوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا، وغيرهما، غير أن هذا الحل باء بالفشل لأن الشعوب التي كانت تقيم في تلك الدول لم تتمكن من تطبيق سلطة مشتركة لزمن طويل. ليس هذا فحسب، فلم يقطن كل شعب في منطقة محددة. فيهود أوروبا مثلا أقاموا في مجتمعات صغيرة نسبيا منتشرة في جميع أنحاء القارات. وكان الهنغاريون موزعين بين هنغاريا نفسها وإقليم ترانسيلفانيا الواقع في عمق الأراضي الرومانية.
جابه تطبيق حق تقرير المصير مشاكل أصعب في فترة إلغاء الحكم الاستعماري، في أواخر سنوات الأربعين من القرن العشرين، وفي سنوات الستين من القرن ذاته. لقد جرى تعريف الحدود السياسية في أفريقيا وآسيا بموجب مصالح الدول الأوروبية العظمى، وكثيرا ما تجاهلوا المزايا الخاصة للسكان المحليين، كالدين، العادات، اللغة، وما شابهها. رأت الأمم المتحدة، التي قبلت بحق تقرير المصير كجزء من ميثاق الأمم المتحدة (في تعديل عام 1951)، كما رأت الدول الأعضاء فيها، أن تطبيق حق تقرير المصير هو داخل الحدود القائمة، مما أدى إلى إقامة دول متعددة القوميات تواجه صعوبة في تطبيق حكم مشترك.
وعموماً، يعتبر حق تقرير المصير حقا جماعيا وليس فرديا. بمعنى أن هذا الحق لا يمكن أن يمارس فقط من خلال فرد واحد أو مجموعة أفراد. بل هو خاص بعدد كبير من الناس توجد بينهم روابط مشتركة، مثل لغة، تاريخ، ثقافة. وقد قيّد القانون الدولي هذا الحق بعدة قيود، حتى لا يؤدي إلى تفتيت الدول وزعزعة سيادتها، فلو أن كل الأقليات في الدول ستقول بأن لها لغة وتاريخ مشتركاً كأقلية، وبالتالي تطالب بالانفصال عن الدولة الأم، فإن هذا يعني تفتيت الدول. وعليه، يمكن القول أن الحق في تقرير المصير محصور في حالتين، الأولى: هي حالة الشعوب الخاضعة للاستعمار أو الاحتلال، حيث بموجب هذا الحق يكون لها الحق بالتخلص من الاحتلال الأجنبي أو التمييز العنصري وأن تحكم نفسها بنفسها. والثانية: هي حالة الأقليات التي تتعرض إلى الاضطهاد أو التمييز العنصري الممنهج من قبل الدولة.!!
Discussion about this post