مختارات ..
=-=-=-=-=
الإرادة ..
د.علي أحمد جديد
الإرادة هي استجابة الجسم لِما يأتي من الدماغ في موقف معيّن يتطلب الحسم فيه ، ويستجيب الجسم كردِّ فعلٍ طبيعي على صراع داخلي لمواجهة أمرٍ أو فعلٍ ما . وإن قشرة فَصّ الجبهة وهو الجزء من الدماغ خلف الجبهة مباشرةً ، يساعد الإنسان في أشياء عدة مثل صنع القرار وتنظيم السلوك . ويندرج ضبط النفس أو الإرادة والعزيمة تحت هذا العنوان وبالتالي يتم الاهتمام به في هذا الجزء من الدماغ . ولكي يكون الإنسان فعّالاً في التحكم في دوافعه وفي اتخاذ قراراتٍ سليمة يجب العناية بتلك القشرة المخية ، وهذا يعني الحرص على التغذية الجيدة . وإن قوة الإرادة والتصميم هما أهم صفات الحياة ، وأغلبنا لا يمتلك تلك الصفات رغم أنها متطلبات أساسية لتحقيق النجاح ، وهي العامل الأساس في تعزيز الثقة التي تأتي من الإرادة والتي تغلب المستحيل . وإذا كانت لدى الإنسان هاتان الصفتان فإنه يكون واثقاً بدرجة كافية للقيام بكل ما قرر للوصول إلى هدفه المنشود .
فالإرادة إذاً تدفع الإنسان لصنع المعجزات ، لأن قوة الإرادة والتصميم مهمان للغاية في تحقيق النجاح . ولا يوجد مستحيل أو صعوبة لا يمكن التغلب عليها إذا ماتوفر التصميم حقاً . ومع ذلك قد يفشل الكثيرون بطرق كبيرة أوصغيرة لأن التصميم في الأساس لم يكن قوياً بما يكفي . وكذلك العزم مهم للغاية لأنه يُمَكِّن من الاستمرار في المواجهة بثقة و إيمان حتى تحقيق الهدف ، نظراً لأن الحياة ليست سلسة أبداً حيث يسقط الكثيرون عند مواجهة العقبات . ولكن بالإصرار والثقة بالنفس أي (الإرادة) القوية يمكن للإنسان أن يتغلب على أي نوع من العوائق .
والنجاح هو عملية انتقاء وإقصاء ، أو اختيار بين المستحق والفاقد ، وبالتالي فإن استلهام الإصرار يترك الكثير من الانطباع الإيجابي عن أي شخص صنع لنفسه مكاناً وهو يكافح للوصول إلى هدفه .
وكذلك هو (التأمل) لأنه نشاط يحسن التركيز في الممارسة ويجعل النفس البشرية أكثر اتزاناً وهدوءاً ، وكلما كان الإنسان أكثر تركيزاً ، كلما عزم على تحقيق ما يسعى إليه . وقوة الإرادة والعزيمة لا يمكن أن تكونا مؤقتتين أبداً لأنهما يجب أن تكونا جزءاً لا يتجزأ من روحانية الشخص لتعطياه الدافع المفيد بكل شكلٍ من أشكال المواجهة . إذْ لا يمكن للإنسان أن يكون عازماً على تحقيق هدفٍ ما نصف الوقت ، ويكون متوتراً في نصف الوقت الآخر ، ويجب أن تظل قوة الإرادة لديه كما هي في كل مرة ، وأن يحافظ على دوافعه التي تنعكس في التصميم على الإنجاز .
والطموح في نهاية المطاف هو قائد كل الإنجازات العظيمة وهو المتسابق الذي يمهد الطريق للوصول إلى تحقيق الأهداف ، وإن الاكتفاء بكل خطوة من خطوات التقدم سيكون مجرد محطة من المحطات ، ولا يوجد أي تقدم او نجاح دون وجود صراع .
وكثير من الشعراء كتبوا عن أهمية الإدارة وأبرز ماتمت كتابته عن الارادة يمكن أن نجده لدى الشاعر (امرؤ القيس) :
ولو أنَّما أسعَى لأدَنى معيشةٍ
كفاني- ولم أطلبْ- قليلٌ من المالِ
ولكنَّما أسعَى لمجدٍ مؤثَّلٍ
وقد يدركُ المجدَ المؤثلَ أمثالي .
وقال المتنبي :
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النُّجومِ
فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ .
وكذلك قال:
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ
وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها
وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ .
وكذلك قال أبو القاسم الشابي :
أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر
وأعلن في الكون أن الطموح لهيب الحياة وروح الظفر
وعن الإرادة والعزيمة قال
(توني روبنز):
“الطريق إلى النجاح هو اتخاذ إجراءات كبيرة وحازمة” .
ويقول المثل الياباني : “أسقط سبع مرات وقف في الثامنة” .
وكذلك يقول (توم هوبكنز) :
“لا يتم الحكم عليَّ من خلال عدد المرات التي فشلت فيها ولكن بعدد المرات التي نجحت فيها . وعدد المرات التي نجحت فيها يتناسب بشكل مباشر مع عدد المرات التي أفشل فيها وأواصل المحاولة” .
وتقول (براين تريسي) :
” لا تفكر أبداً في احتمال الفشل طالما أنك مُصرٌّ على أن تكون ناجحاً ” .
وهناك عدة عوامل تجعل من الإرادة والعزيمة قوة عالية وعظيمة في مواجهة المصاعب ، أهمها الإيمان بالذات والثقة بالنفس وعدم الانتقاص من شأن النفس ورفع قيمتها الداخلية والخارجية ، حيث أن عدم الاستسلام للأفكار السلبية يقوّي من الإرادة ومن العزيمة ، وكذلك هو التعليم المستمر وتطوير الذات واكتساب المهارات الشخصية فإنها حين تجتمع في شخصية ما فهي تساهم بزيادة قوة الإرادة . وإن عدم التخوف من طول الطريق إلى الهدف هو أهم مايرفع من الإرادة والعزيمة ومن الثقة في النفس . لأن النجاح العظيم لا يأتي إلا بقوة الإرادة وبالعزيمة وبالجهد العظيمين ، ولأن من أراد النجاح في حياته العلمية والعملية وسعى إلى تحقيق التفوق وإنجاز المهام فعليه أن يقوي إرادته وعزيمته حتى يصل إلى الهدف المنشود .
Discussion about this post