فى مثل هذا اليوم 12 فبراير2002م..
بدء جلسات محاكمة الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش في مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
اليوم الاول من محاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش امام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي ولكن دون الانتهاء من مرافعة الاتهام.
ولم يتمكن المساعد الاول للمدعية العامة جيفري نايس من اكمال عرضه العام حول القرارات الاتهامية الثلاثة الموجهة ضد الرجل القوي سابقا في بلغراد والمتعلقة بالنزاعات في كوسوفو وكرواتيا والبوسنة.
وسوف يكمل عرضه الاربعاء. اما المساعد الثاني للمدعية العامة ديرك رينيفلد فسوف يقدم بعد ذلك تفصيلا حول ملف كوسوفو.
ويتوجب على الرئيس السابق ان يرد على اتهامات بجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ارتكبت خلال النزاعات التي وقعت في كوسوفو (1998-1999) وفي كرواتيا (1991-1995) وفي البوسنة (1992-1995). وبالنسبة للنزاع الاخير يتهم ميلوشيفيتش ايضا بارتكاب جرائم ابادة وقد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة.
يشار الى ان محاكمة ميلوشيفيتش، وهي الاهم في جرائم الحرب في اوروبا منذ نورمبيرغ، سوف تستمر عامين.
ونورد في ما يلي ابرز نقاط مرافعة المدعية العامة كارلا ديل بونتي في اليوم الاول من بدء محاكمة سلوبودان ميلوشيفيتش:
“امام هذه الغرفة، ستبدأ الان محاكمة هذا الرجل على الجرائم المتهم بارتكابها ضد الشعب في بلاده وضد جيرانه. كم هو بسيط الادلاء بهذا المرافعة اليوم (…) ومع ذلك كم هو مميز ان اتمكن من التلفظ بهذه الكلمات هنا. اليوم، وكما لم يحصل ابدا في السابق، نرى ان العدالة الدولية تأخذ مجراها”.
” يتوجب علينا ان نتوقف قليلا كي نتذكر المشاهد اليومية من العذاب والالام التي حددت الصراع المسلح في يوغوسلافيا السابقة. وقد ظهرت كلمة جديدة في اللغة العادية: التطهير العرقي. وكشفت بعض الحوادث عن حصول وحشية كما كان يحصل في القرون الوسطى تقريبا وفظاعات متعمدة تخطت بعيدا حدود حرب شرعية”.
“ان ميلوشيفيتش التكتيكي البارع والاستراتيجي الرديء، لم يقم الا بالسير وراء طموحه على حساب آلام لا تحد فرضها على اللواتي والذين عارضوه او كانوا يمثلون تهديدا لاستراتيجيته الشخصية في السلطة. (…) لا تبحثوا عن قيم خلف اعمال المتهم (…) فهي ليست القناعات الشخصية ولا مسائل الشرف ولا حتى الامور الوطنية ولا العنصرية او الكره للاجانب التي حركت المتهم ولكن فقط البحث عن السلطة، السلطة الشخصية.
المحاكمة اليوم لا تشمل اي دولة او منظمة: ان القرار الاتهامي لا يتهم شعبا بكامله بانه المسؤول جماعيا عن الجرائم حتى جرائم الابادة. (…) اشير الى ان المتهم هو هنا للرد على الاعمال التي قام بها”.
” ان المحاكمة التي تبدأ اليوم ستبحث المصير المأساوي لالاف الضحايا الكروات والبوسنيين والالبان الذين قضى عليهم ميلوشيفيتش. (…) ولكن المتهم ميلوشيفيتش ارتكب جرائم اخرى. انا افكر بالصرب هؤلاء الصرب اللاجئون في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو الذين استغلهم ميلوشيفيتش وعزز مخاوفهم وضخمها وتلاعب بها لخدمة مخططاته الاجرامية. لقد فقد الكثيرون حياتهم ومعظمهم فقدوا منازلهم ومستقبلهم. يجب ان يسجل هؤلاء الرجال والنساء بين ضحايا ميلوشيفيتش وحتى المواطنات والمواطنين في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الذين يتوجب عليهم من الان وصاعدا اعادة اعمار بلدهم المهدم الذي تركه لهم المتهم”.
وعلى صعيد الوضع في صربيا بدا ان سكان بلجراد قد شاهدوا بدء محاكمة الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش بتهم ارتكاب جرائم حرب، في بيوتهم، اذ أن الجميع توجهوا إلى أعمالهم كالمعتاد.
وفي بعض المقاهي بوسط العاصمة كانت أجهزة التلفزيون تنقل وقائع المحاكمة التي تجري في المحكمة الدولية لجرائم الحرب، ولكن الذين ارتادوا هذه المقاهي كانوا قليلين وأقل منهم كان الذين يشاهدون شاشات التلفزيون. وكان هناك اهتمام أكثر بمشاهدة شاشات التلفزيون التي تعرض البرامج المعتادة مثل الرياضة والحفلات الموسيقية وعروض الازياء.
وقال ستانيمير يوفانوفيتش، أحد مستشاري تحالف المعارضة الديمقراطية لصربيا الحاكم، وهو يرشف الشاي أثناء مشاهدة المحاكمة في أحد المقاهي “إذا كانوا يريدون محاكمته لانه ارتكب جرائم، فيجب عليهم أيضا أن يحاكموا زعماء حلف شمال الاطلنطي (ناتو)”.
وأضاف يوفانوفيتش قائلا “إن أكثر من 75 طفلا تحت سن 14 عاما قتلوا (أثناء حملة القصف التي شنها حلف الناتو ضد يوغسلافيا) ووجه الاختلاف هو أن الولايات المتحدة سجلتهم ضمن مجمل الخسائر وليس على أنهم من صغار السن الذين لا تزال فرص الحياة مفتوحة أمامهم”، وذلك في إشارة إلى ضحايا القصف من صغار السن.
وقال يوفانوفيتش ” لقد كان هذا أيضا خرقا للقوانين”.
وهز يوفانوفيتش كتفيه باستهزاء عندما قيل له أن 16 من قادة حلف الناتو حكم عليهم بالسجن لمدد طويلة لادانتهم بارتكاب جرائم حرب في أيلول/سبتمبر عام 2000 أمام محكمة في بلجراد أثناء حكم ميلوسيفيتش.
وقال “إنها كانت مهزلة، مثل مهزلة هذه المحاكمة”. ولكنه أكد ضرورة محاكمة ميلوسيفيتش “أمام محكمة حقيقية في يوغسلافيا”.
أما يلكا ميلين، وهي سيدة على المعاش كانت تساند ميلوسيفيتش في التسعينيات، فقد قالت أنها تشعر “بعدم ارتياح” إزاء المحاكمة في لاهاي ولكنها وافقت عليها حيث “أننا لم نستطع القيام بمثل هذا العمل”.
وأضافت قائلة “ليس فقط على المستوى الشخصي .. ولا على مستوى الدولة يمكن في الواقع مواجهة هذه الاتهامات. ولا أعرف إذا كان هذا صحيحا، ولكني أريد (أن أصدق) ذلك”.
وفي مقهى آخر، كان جهاز التلفزيون مفتوحا على أحد البرامج التي تنقل المحاكمة ولكن الصوت مكتوما ويجلس رجلان كل منهما على منضدة بمفرده يقرأ الصحيفة.
وأحد الرجلين كان سياسيا محترفا في يوغسلافيا السابقة وصديقا مقربا إلى ميلوسيفيتش وأسرته قبل أن يتحول إلى كتلة المعارضة.
وعندما سئل هذا الرجل عما إذا كان يشاهد اليوم الاول من المحاكمة في لاهاي، رد قائلا “لا .. إنني أنتظر أحد الاشخاص” ورفع الصحيفة إلى وجهه.
أما الرجل الاخر كان يدير ظهره لجهاز التلفزيون ولكنه قال أن “الحملة” تثير غضبه، ليس فقط المحاكمة ولكن ما قال أنه محاولة لالقاء كل اللوم على الصرب.
وتساءل الرجل الذي يدعى ساسا بيتكوفيتش “ما هذا، الصرب فقط هم الذين يعملون أشياء سيئة؟ .. لماذا لا يقوم أحد بعرض صور للقتلى من الصرب واللاجئين الصرب والمنازل الصربية المحترقة؟”
وقالت “استراتيجبك ماركتنج”، وهي وكالة رئيسية لاستطلاع الرأي أن الرأي العام المحلي إزاء المحكمة ظل ثابتا أكثر مما هو بشأن قضايا هامة أخرى.
وقال رئيس الوكالة، سرديان بوجوسافليفيتش، في اجتماع مائدة مستديرة الاثنين “الرأي بوجه عام هو أن المحاكمة منحازة وعلى حساب الصرب. وبالنسبة لهذه النقطة لم يتغير شيء منذ عهد ميلوسيفيتش “.
ومن جانب آخر، قال بوجوسافليفيتش أن التعاون مع المحكمة يزداد تقبلا بصورة بطيئة “وليس لاننا نحبها ولكننا نفهم أن التعاون ضروري”.
وأضاف أنه رغم الرأي العام القوي إزاء المحكمة، فإن الصرب عامة يعتبرون تأثير المحاكمة على الحياة اليومية أقل من أي قضية هامة أخرى.
وأحد الاثار الواضحة للمحاكمة كان تأجيل جلسة البرلمان الفدرالي بناء على طلب نواب من الحزب الاشتراكي لصربيا الذي يتزعمه ميلوسيفيتش وحلفائهم في النظام السابق، والذين قالوا أنهم يرغبون في مشاهدة وقائع المحاكمة على شاشات التلفزيون.!!
Discussion about this post