I قراءة نقية:” أدب اليوميات وادارة الحياة”
القصيدة: (مدفع الافطار نموذجا)
الشاعر :حمد حاجي(تونس).
الناقدة: جليلة المازني(تونس)
المقدمة:
يطالعنا الشاعر حمد حاجي بانخراطه او تجريب جنس آخر من الأجناس الأدبية وهو أدب اليوميات .
يقترح علينا اليوم يومية كتبها في 01 رمضان(11/03/2024) في بومهل على الساعة السادسة و10 دق.
ما هو أدب اليوميات؟
1/ تعريف أدب اليوميات:
وهو عبارة عن الكتابات التي فيها الاحداث التي تترك أثرافينا أو في محيطنا يوما بيوم فتكون الكتابة في نفس اليوم.
اورد الشاعر في عتبة النص المتعلقة بالهوامش:
– يعرف فيليب لوجون فن اليوميات: مجرد سلسلة من الآثار المؤرخة..
اكتب ما تشاء..يكفيك ان تؤرخ للأثر.
يقول كمال الرياحي:” نحن نكتب ذواتنا ونترك القراء يتحسسون ذواتهم”.
ترى ما هي الاحداث التي عاشها الشاعر وتركت اثرا في نفسه في اليوم الاولمن شهر رمضان؟
2/ يومية الشاعر:
حرص الشاعر على تحديد الزمان 01/ رمضان (11/03/2024).
كما حرص على تحديد المكان بومهل /البيت.
اختار الشاعر عنوانا ليوميته “مدفع الافطار” ورد مركبا اضافيا فالمضاف مدفع والمضاف اليه الافطار ومدفع الافطار هو عادة دأبت عليها تونس بكل جهاتها ان تعلن عن موعد الافطار بطلقة المدفع.
لقد راعى الشاعر الترتيب الزمني ليوميته التي قسّمها في قصيدته الى ثلاث فترات :
1/ فترة ما قبل مدفع الافطار:
باعتبار انها يومية يتحدث فيها الشاعر عن نفسه فقد استعمل ضمير المتكلم المفرد( أهوى /أحبّ/أحاول/ أبعدُ /تعبتُ/….)
ان الشاعر في هذه الفترة يزداد حبه لسعاد لانه وهو صائم محروم من ممارسة الحب معها وكل محظور مرغوب فيه لذلك نراه في هذه الفترة كما هو صائم عن الاكل لا بدّ ان يكون صائما عن الملذات والشهوات.يقول: أحاول أبعد عن موطن الزلل.
نراه يُمضي وقته في اعانة سعاد في شؤون البيت بكل اتقان بل ويتباهى بذلك عند قوله: وهل منكمو مخلص..؟
ليس مثلي…
بشهر الصيام وأيامهالأول…
كأني بالشاعر هنا يبثّ رسالة لكي يحثّ كل زوج على اعانة زوجته في رمضان خاصة وهي صائمة مثله وجديرة بمساعدتها.
2/ فترة مدفع الافطار:
2/ فترة مدفع الافطار : عند سماع مدفع الافطار يبادر بالافطار على الشهوة النفسية قبل الافطار على الاكل والشرب فيقبل الحبيبة من يديها وكأني به يعترف بكل ما أعدّته يداها من مأكولات في أول يوم من رمضان ويبدأ برشف القهوة متلذّذا برشفها ليستفيق ويفتح لها شرفاته ويثنّي بسيجارة ليفتح لها باب المقل.
ان الشاعر ترك فراغات نصية متمثلة في الثلاث نقاط لتشريك المتلقي في التأويل ولعل المتلقي يعلق على ادمان الشاعر اعلى التدخين المضرّ بالصحة بعد يوم صيام وهي دعوة غير صريحة للاقلاع عن التدخين هذه الدعوة التي قد يكون حمّلها الشاعر للمتلقي كي يبثّها .
3/ الفترة ما بعد مدفع الافطار:
في هذه الفترة سيعاقر الحبيب متعة جمال الزوجة الحبيبة التي يدعوها الى حصة الغزل وكأني بالحبيب سيلقن ا زوجته درسا في الغزل فيقول:
تعالي الى حصة الغزل…
والسؤال الذي يتبادر الى ذهن المتلقي بفضوله الادبي لملء الثلاث نقاط هو هل حصة الغزل هي من الذات الشاعرة للشاعر ام من الشاعر ؟
هل هذا الغزل من متخيّل الشاعر ام هو ممارسة واقعية ومتعة جسدية؟
وكأني بالشاعر توقّع ما قد يخامر المتلقي فأعدّ له الجواب قائلا:
فتأتي القصيدة
تطرحنا فوق تخت من النور
رافلة بالحلي وبالقبل .
وهنا هل يمكن القول بان الفصل بين الذات الشاعرة والشاعر هو أكذوبة؟
وهل يمكن القول بان الذات الشاعرة تتماهى مع الشاعر ايمانا منه ان ما يكتبه هو قناعته الشخصية وطموحاته ومرجعيته الفكرية الثقافية؟
ولعل تلك الفجوات النصية التي تركها (10 فراغات نصية) للمتلقي لتشريكه في التأويل تعفي الشاعر من البوح بما يخفيه وتجعله يتنصّل من شيء من المسؤولية.
باعتبار ان أدب اليوميات قائم على السرد بالدرجة الاولى فان الشاعر كسر احتكار السرد لادب اليوميات بان ضمّن يوميته في قصيدة شعرية لكنه أخضع قصيدته لمقوّمات السرد من اطار زمكاني وشخصيات وأحداث وحوار ووصف ونحا بذلك الى تسريد الشعر.
الخاتمة:
ان تدوين الشاعر حمد حاجي اليوميات يساعده على تخفيف التوتر (خاصة في شهر رمضان) من خلال تفريع المساحة التي تشغل عقله
كما تساعده على انشاء نظام موثوق في انجاز الاشياء وجعل الحياة أمرا قابلا للادارة.
بتاريخ12/ 03/2024