فى مثل هذا اليوم10يوليو1796
عالم الرياضيات الألماني كارل فريدريش غاوس يكتشف أن كل عدد طبيعي موجب يمكن كتابته على الأكثر في شكل مجموع ثلاثة أعداد مثلثية.
يوهان كارل فريدريش غاوس (تلفظ بالألمانية: [kaʁl ˈfʁiːdʁɪç ˈɡaʊss]) (بالألمانية: Johann Carl Friedrich Gauß)، (باللاتينية: Carolus Fridericus Gauss) ولد في 30 أبريل/نيسان عام 1777 وتوفي في 23 فبراير/شباط عام 1855. كان رياضياتياً، وإحصائياً، وفيزيائياً، وعالماً ألمانياً. قدم مساهماتٍ هامّةً في العديد من المجالات في الرياضيات والعلوم. يُشار إليه بلقب أمير علماء الرياضيات (باللاتينية: Princeps mathematicorum)، أو أمير الرياضياتيين بفعل إنجازاته العلمية البارزة، وبـ«أعظم عالم رياضياتٍ منذ العصور القديمة»، وهو يرقى إلى سوية أكثر العقول تأثيراً في الرياضيات عبر التاريخ، بل اعتُبر واحداً من أهم ثلاثة علماءٍ في تاريخ الرياضيات. ساهم بالكثير من الأعمال في نظرية الأعداد، والإحصاء، والتحليل الرياضي، والهندسة التفاضلية، والجيوديزيا، وعلم الاستاتيكا الكهربائية، وعلم الفلك، والبصريات، كما كان ذا تأثيرٍ استثنائيٍّ على العديد من المجالات الأخرى في الرياضيات والعلوم. شمل نشاطه المجالات التطبيقية أيضاً، كمسح أراضي مملكة هانوفر، وكان أحد الرواد في اختراع التلغراف الكهرمغناطيسي مع ڤيلهلم إدوارد ڤيبر، كما طوّر مقاييس المغناطيسية وأسس شبكة عالمية من المحطات لدراسة المغناطيسية الأرضية.
ولد يوهان كارل فريدريش غاوس في الثلاثين من أبريل/نيسان من العام 1777 لأبوين فقيرين من الطبقة العاملة في منزلٍ يقع في 30 شارع ڤيلهلم بحي ڤندنغرابن Wendengraben في مدينة «برونزڤيك» (أو براونشڤايغ) في دوقية «برونزڤيك ولفنبوتل» (هي الآن جزء من ولاية «ساكسونيا السفلى» («صَاقِسُ السفلى») شمالي ألمانيا)، حيث أنشئ لاحقاً متحف في الطابق الأرضي على شرفه إلا أنه لم بنجُ من دمار الحرب العالمية الثانية. زاول أبوه جِبهارد ديتريش غاوس (1744-1808) مهناً مختلفةً مثل بستانيٍّ وجزارٍ ومعاونٍ في متجرٍ وأمينِ صندوقٍ في شركة تأمينٍ صغيرةٍ، فيما كانت زوجته الثانية دوروثي بنتزي (1743-1839) خادمةً قبل الزواج وابنة حجّارٍ توفي مبكراً، لكنه وُصف بالذكاء وصفاء الذهن والشخصية الحازمة. بقيت علاقة غاوس بأمه وثيقةً على الدوام، وعاشت معه في منزله حتى توفيت في سن السادسة والتسعين. لم تسجلِ الوالدة الأميةً قطُّ تاريخَ ميلاده، بل تذكرت فقط أنه ولد يوم أربعاءٍ قبل ثمانية أيامٍ من «عيد الصعود» (والذي يحلُّ بعد تسعةٍ وثلاثين (39) يوماً من «عيد الفصح»). حلَّ غاوس هذا اللغز حول تاريخ ميلاده لاحقاً في سياق البحث عن تاريخ عيد الفصح، واشتقاق طرقٍ لحساب التواريخ للسنين الماضية واللاحقة. جرى تعميده وتأكيده في كنيسةٍ بالقرب من المدرسة التي التحق بها فيما بعد حينما غدا في سن التعليم.
كان غاوس طفلاً نابغةً، وقد قال مازحاً عن نفسه فيما بعد إنه تعلم الحساب قبل أن يتكلم. كتب «ڤولفغانغ سارتوريوس فون ڤالترزهاوزن» في ذكرى غاوس أنه عندما كان بالكاد يبلغ من العمر ثلاث سنواتٍ قام عقلياً بتصحيح خطأٍ رياضيٍّ ارتكبه والده على الورق أثناء حساب موارده المالية، وأنه في سن التاسعةِ في مدرسة كاترينين العامة -بعد سنتين فقط من التحاقه بالمدرسة الابتدائية- حل مسألة متسلسلةٍ حسابيةٍ أسرع بكثيرٍ من أي أحدٍ آخرَ في صفه البالغ مئة تلميذٍ. ثمة روايات عديدة لهذه القصة مع تفاصيلَ مختلفةٍ حول طبيعة المتسلسلة، وأكثرها شيوعاً هي الإجابة عن السؤال التقليدي المتمثل بجمع الأعداد الصحيحة من الواحد إلى المئة. هنالك العديد من الحكايات الأخرى حول نبوغه المبكر مذ كان يافعاً، ولقد قام بأول اكتشافاتٍ رياضياتيّةٍ رائدةٍ له وهو بعد في مرحلة المراهقة، وأكمل عمله العظيم «الاكتشافات الحسابية» (باللاتينية: Arithmeticae Disquisitiones) أو «التحقفات الحسابية» في العام 1798 في عمرٍ يناهز الحادية والعشرين (21)، والذي نُشر في العام 1801. كان لهذا العمل دور أساسيٌّ في إرساء نظرية الأعداد كنظامٍ وتخصّصٍ في حد ذاته، وشكّلَ المجالَ حتى اليوم، ولا يزال تأثيره ملحوظاً إلى يوم الناس هذا.
لفتت قدراتُ غاوسِ العقليةُ انتباه دوق برونزڤيك الذي أرسله إلى «كلية كارل» (باللاتينية: Collegium Carolinum) (حالياً جامعة براونشفايغ للتقانة)، والتي التحق بها في الفترة (92-1795م)، ومنها انتقل إلى جامعة غوتنغن ما بين العامين 1795 و1798. وأثناء دراسته في الجامعة أعاد غاوس اكتشاف العديد من النظريات الهامة اكتشافاً مستقلاً. حدث اختراقه [أولى اكتشافاته] في العام 1796 عندما بيّنَ أن المضلع المنتظم يمكن إنشاؤه بفرجارٍ ومسطرةٍ (أداة يُختبَر بها استقامة الخط أو استواء المستوي) إذا كان عدد أضلاعه ناتجاً عن تربيع أعداد فيرما الأولية المختلفة (الرفع إلى الأس 2). قرر غاوس من دون تقديم إثباتٍ أن هذا الشرط ضروري، لكنه لم ينشر برهانه مطلقاً. كان هذا اكتشافاً كبيراً في حقلٍ هامٍّ من حقول الرياضيات؛ فقد شغلت مشاكل البناء علماء الرياضيات منذ أيام الإغريق القدماء، وأدى هذا الكشف في خاتمة المطاف إلى اختيار غاوس للرياضيات بدلاً من فقه اللغة كمهنةٍ، ولقد بلغ منه السرور بهذه النتيجة مبلغاً أنه طلب نقش شكل سُباعيِّ عشر الاضلاع على شاهدة قبره، لكن الحجّار رفض مشيراً إلى أن هذا البناء المعقد سيبدو أساساً كالدائرة.
كان العام 1796 -وهو لما يزل في التاسعة عشرة- مثمراً لكلٍّ من غاوس ونظرية الأعداد. اكتشف إنشاء سُباعي عشر الأضلاع في الثلاثين من مارس/آذار، كما قام بتطوير الحساب النمطي (بالإنجليزية: Modular arithmetic)، مما سهّل التعامل في نظرية الأعداد بشكلٍ كبيرٍ. في الثامن من أبريل/نيسان أضحى الرائدَ الذي أثبت قانون «التعاكس التربيعي» (بالإنجليزية: law of quadratic reciprocity). يسمح هذا القانون -المعَمَّم بشكلٍ ملحوظٍ- للرياضياتيين بتحديد قابلية الحل لأي معادلةٍ من الدرجة الثانية في الحساب النمطي، كما تعطي نظرية الأعداد الأولية -التي أنهى صياغتها في الحادي والثلاثين (31) من مايو/أيار- فهماً جيداً لكيفية توزع الأعداد الأولية بين [مجموعة] الأعداد الصحيحة.
اكتشف غاوس أيضاً أن بالإمكان تمثيل أي عددٍ صحيحٍ موجبٍ كمجموعٍ من ثلاثة أعدادٍ مثلثةٍ على الأكثر، وذلك في العاشر من يوليو/تموز، ثم دوّن في مذكراته الملاحظة التالية:
“ΕΥΡΗΚΑ! num = Δ + Δ + Δ”
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول نشر نتيجةً عن عدد حلول كثيرات الحدود (بالإنجليزية: polynomials) ذوات المعاملات (بالإنجليزية: coefficients) التي تنتمي إلى الحقول المنتهية، والتي أفضت بعد مئةٍ وخمسين عاماً إلى نظريات «ڤايل» (بالألمانية: Weil).
السنوات اللاحقة والوفاة
بقي غاوس نشطاً فكرياً إلى سن الشيخوخة حتى إبّانَ معاناته من التعاسة العامة ومرض النقرس، وعلى سبيل المثال ففي عمر الثانية والستين (62) علّم نفسه بنفسه اللغة الروسية. كما حافظ على موهبة إجراء أكثر الحسابات تعقيداً في ذهنه [الحساب الذهني] حتى بعدما طَعن في السن.
أصبح في العام 1807 مديراً لمرصد غوتنغن، وصاغ طريقة المربعات الصغرى، وفي العام 1840 نشر كتابه المؤثر «بحوث الانكسار» (باللاتينية: Dioptrische Untersuchungen)، والذي قدم فيه أول تحليلٍ منهجيٍّ لتشكيل الصور في ظل التقريب شبه المحوري (البصريات الغاوسية). أظهر غاوس من ضمن نتائجه أنه في ظل التقريب شبه المحوري يمكن تمييز النظام البصري بنقاطه الأساسية، واشتق صيغة العدسة الغاوسية.
في العام 1821 أضحى غاوس عضواً أجنبياً في «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم»، كما جرى انتخابه كذلك عضواً فخرياً أجنبياً في «الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم» في العام 1822. وفي العام 1845 أضحى عضواً منتسباً في «المعهد الملكي الهولندي»، وعندما تحول المعهد إلى «الأكاديمية الملكية الهولندية للفنون والعلوم» في العام 1851 انضم إليه كعضوٍ أجنبيٍّ.
ثم انتخب عضواً في «الجمعية الفلسفية الأمريكية» في العام 1853، وفي العام 1854 اختار غاوس موضوع المحاضرة الافتتاحية لبرنارد ريمان (26-1866) «حول الفرضيات التي تقوم عليها الهندسة» (بالألمانية: Über die Hypothesen، welche der Geometrie zu Grunde liegen). ذكر ڤيبر (بالألمانية: Weber) أن غاوس في طريق العودة إلى المنزل من محاضرة ريمان كان مليئاً بالثناء والإثارة.
أمضى غاوس قُرابة الخمسين عاماً الأخيرة من حياته في مدينة غوتنغن التي كانت تابعةً لمملكة هانوفر وقتذاك، والتابعة لولاية “ساكسونيا السفلى” حالياً، وفي الثالث والعشرين (23) من فبراير/شباط من العام 1855 وعلى إثر نوبةٍ قلبيةٍ أسلم الروحَ، وفي مقبرة سانت ألباني في غوتنغن رقد جسده رقدته الأخيرة. أبّنه في جنازته شخصان؛ خَتَنُه (زوج ابنته) “هاينريش إيڤالد”، و”ولفغانغ سارتوريوس فون ڤالترزهاوزن” صديق غاوس المُقرّب ومُدّونُ سيرته الذاتية. جرى الحفاظ على دماغ غاوس، ثم دراسته من قبل “رودولف ڤاجنر”، الذي وجد أن كتلته أكبر بقليلٍ من المتوسط؛ ألفٌ وأربعمئةٍ واثنان وتسعون (1492) غراماً (ما يعادل 52.6 أونصة)، ومساحة لحاء الدماغ تساوي 219.588 ملم مربع (ما يعادل 340.362 بوصة مربعة)، لكن تلافيف الدماغ كانت عالية التطور أيضاً، وقد افتُرض أن ذلك تفسيرٌ لعبقريته في أوائل القرن العشرين.!!!!!!!!!!!!