في مثل هذا اليوم 3 اكتوبر1948م..
اكتشاف اليورانيوم في الكونغو برازافيل.
76 عاما مضت على اكتشاف الخصائص التدميرية لليورانيوم فى الكونغو برازفيل، ذلك الفلز الأبيض الذى يميل إلى الفضى، بلونه الصافى والقريب من معدن الفضة أوالفولاذ، والذى يعد واحدا من أثقل المعادن المعروفة.
وبرغم صلابة اليورانيوم، إلا أنه معدن لين يمكن ليه أو ثنيه، كما يتمتع بقابليته للسحب أو المد فى صورة سلك طويل، ويعد من العناصر المشعة التى يمكن أن تتفاعل مع غيرها من العناصر المعدنية لتكوين مركبات، ويكتسب لونا أسودا عند تعرضه للهواء بفعل التأكسد.
كما يعتبر اليورانيوم من العناصر الـ50 الأكثر وفرة فى القشرة الأرضية، حيث يمكن العثور عليه فى الصخور ومياه المحيطات وفى مجموعة أخرى من المعادن، ويستخدم بصورة رئيسية فى انتاج الوقود فى محطات الطاقة النووية، لتوليد الكهرباء، بفعل عملية الانشطار النووى.
ويمتاز اليورانيوم بكفاءة إنتاجه للطاقة مقارنة بالفحم، حيث يستطيع كيلوجرام واحد منه انتاج ما ينتجه 1500طن من الفحم، وفى عام 1789، قام الألمانة مارتن كلابروث بعزل الفلز، ما دفع لاكتشاف خصائصة المشعة فى عام 1896 بواسطة الفيزيائى الفرنسى هنرى بيكريل.
وتوالت الأبحاث وصولا إلى عام 1934 عندما قام الفيزيائى ربوبرت أوبنهايمر لتنشيط اليورانيوم، والذى كان نواة لإنتاج أول قنبلة نووية فى تاريخ البشرية، لتستخدم فى الحرب والدمار خلال الحرب العالمية الثانية، والتى حملت اسم “الولد الصغير” والتى ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية بقوة تدميرية بلغت 12.500 ألف طن من مادة “TNT” شديدة الانفجار، لتخلف 140 ألف قتيلًا، تبعتها فى اليوم التالى قنبلة “الرجل البدين” على مدينة “نجازاكى” بقوة تفجيرية بلغت 22 ألف طن من نفس المادة، وخلفت بين 70 إلى 80 ألف قتيل، لتبدأ البشرية بذلك تاريخا جديدا من الحرب والخوف من الدمار..
منذ القديم، اتجه الإنسان لاستخدام اليورانيوم (Uranium) على شكله الطبيعي المعروف بثنائي أوكسيد اليورانيوم (Uranium dioxide) لتلوين الأشياء وإضفاء جانب من اللون الأصفر عليها.
لكن خلال العام 1912، اكتشف أحد الباحثين بجامعة أوكسفورد داخل فيلا رومانية يعود تاريخها لعام 79 الميلادي موجودة بكاب بوسيليبو (Cape Posillipo) قرب خليج نابولي، فسيفساء زجاجية صغيرة ملونة بالأصفر احتوت على ما يقارب 1 بالمئة من أملاح اليورانيوم. وأثناء العصور الوسطى، اتجه العديد من العاملين في مجال صناعة الزجاج بأوروبا للاعتماد على اليورانيت (Uraninite) المعروف أيضا بالبتشبلند (pitchblende)، وهو خام معدني نشط إشعاعياً وغني بثاني أكسيد اليورانيوم، لتلوين الزجاج.
يصنف العالم الألماني مارتن هاينريش كلابروت (Martin Heinrich Klaproth)، المنحدر من قرية فيرنيغيروده (Wernigerode) كأول من اكتشف العنصر الكيميائي “اليورانيوم”. فأثناء فترة عمله بمختبره ببرلين عام 1789، أقدم كلابروت على إذابة البتشبلند في حمض النيتريك (حمض الآزوت) قبل أن يحيّد المحلول الذي تحصّل عليه عن طريق هيدروكسيد الصوديوم (Sodium hydroxide ) ليتمكن في النهاية من الحصول على مركّب أصفر. بالتزامن مع ذلك، آمن كلابروت بفرضية أن المادة الصفراء أوكسيد لعنصر طبيعي لم يكتشف بعد فعمد لتسخينها عن طريق الفحم النباتي ليحصل على مسحوق أسود اعتقد أنه عينة من المعدن الذي اكتشفه حديثاً.
في حقيقة الأمر، لم يكن هذا المسحوق الأسود إلا أوكسيداً لليورانيوم. وإلى ذلك، اتجه مارتن هاينريش كلابروت لتسمية هذا العنصر فأطلق عليه بعد تفكير طويل اسم اليورانيوم حيث اقتبس العالم الألماني هذا الاسم من اسم كوكب أورانوس (Uranus) الذي اكتشف عام 1781 من قبل الفلكي والملحن الألماني الأصل ويليام هيرشل (William Herschel) فسمي بدوره نسبة “للإله أورانوس” في الأساطير الإغريقية.
وقد انتظر العالم حلول العام 1841، ليتمكن الكيميائي الفرنسي يوجين ميلكيور بيليجوت (Eugène-Melchior Péligot) من الحصول على أول عينة من معدن اليورانيوم عن طريق تسخين رابع كلوريد اليورانيوم (uranium tetrachloride) مع البوتاسيوم. وقد ظلت طبيعة النشاط الإشعاعي لليورانيوم مجهولة لحدود أواخر القرن التاسع عشر حيث تمكّن عالم الفيزياء الفرنسي هنري بيكريل (Henri Becquerel) سنة 1896 من إثبات ذلك ليتقاسم بفضل هذا الإنجاز رفقة كل من ماري وبيار كوري جائزة نوبل للفيزياء لعام 1903. لكن مع حلول أواخر ثلاثينيات القرن الماضي اتخذ مستقبل اليورانيوم منحى جديداً حيث نجح العالمان الألمانيان أوتو هان (Otto Hahn) وفريتز ستراسمان (Fritz Strassmann) في اكتشاف الانشطار النووي سنة 1938 لتبدأ العديد من الدول حينها في إجراء أبحاث لدراسة إمكانية إنتاج قنبلة ذرية.!!