في مثل هذا اليوم 28 نوفمبر1921م..
وفاة عبد البهاء عباس، مؤسس الدين البهائي.
عين بهاء الله (مؤسس الدين البهائي) في وصيته ابنه الأرشد عباس أفندي (1260 – 1340 ه / 1844 – 1921 م) لكي يليه في تدبير أمور الجامعة البهائية وليكون مركزا لعهده وميثاقه والمفسر الوحيد لتعاليمه وكتاباته وأحكامه. وأوصى أتباعه أن يسألوه في ما استصعب عليهم من الأمور. واتخذ عباس أفندي لنفسه لقب عبد البهاء وصار يعرف به بعد وفاة والده.
ولد عباس أفندي (عبد البهاء) في مدينة طهران في 23 مايو 1844، في نفس الليلة التي أعلن فيها الباب دعوته. ومنذ سن التاسعة، شارك عبد البهاء والده في كل سنين حبسه ونفيه واستمر سجنه حتى بعد وفاة والده إلى سنة 1908 حين أُطلق سراحه بعد سقوط حكم السلطان العثماني في ثورة تركيا الفتاة. كان عبد البهاء قد بلغ سن الشيخوخة حين أُطلق سراحه فقرر أن يستمر بالعيش في فلسطين التي ضمت رفاة والده والتي عاش بين أهلها معظم حياته.
أمضى عبد البهاء باقي سنوات عمره في السفر والكتابة والمراسلة وفي توضيح وترويج تعاليم بهاء الله وتوجيه مسيرة الجالية البهائية التي بدأت بالانتشار في مناطق مختلفة من العالم. وكان من ضمن سفراته زيارة العديد من دول الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية قبيل الحرب العالمية الأولى. ويمكن مراجعة مضمون بعض الخطب التي ألقاها عبد البهاء خلال هذه الرحلات والعديد من كتاباته الأخرى بالرجوع إلى مكتبة المراجع البهائية.
توفي بهاءالله ترك لأتباعه تعليمات واضحة وصريحة في من يتوجهون إليه من بعده، فعين في وصيته كتاب عهدي (العهد) التي خطها بيده، إبنه الأكبر عبد البهاء في عام 1892 مركزاً لعهده وميثاقه أي أن يتولى عبد البهاء ولاية شؤون الدين البهائي وبموجبها أبرم مع أتباعه ميثاقًا أوعهدًا محكمًا متينًا وبين بهاءالله في وصيته بأن محور هذا العهد هو أن عبد البهاء هو الشخص الوحيد الذي له صلاحية تفسير وتبيين تعاليم بهاءالله ومصدر السلطة في إدارة شئون الدين البهائي. وبالرغم من وضوح المقام الذي عينه بهاء الله لعبدالبهاء في وصيته، لم يرق ذلك لبعض أقربائه وغيرهم، فشرعوا يقاومون عبد البهاء بكلّ عداء كما ولكن خابت وفشلت جميع محاولاتهم وذلك لقوة العهد الميثاق الذي أبرمه بهاء الله مع أتباعه بوضوح وتعيينه عبد البهاء ليتولى شؤون الدين البهائي بعد وفاته. أسبغ بهاءالله على عبد البهاء مكانة رفيعة ورغم أنه لا يُعد رسولا، يَنظر البهائيون على أنه المثل الأعلى لتعاليم والده، وبأنه إحدى الشخصيات الرئيسية الثلاث في الدين البهائي (الباب وبهاءالله وعبد البهاء).
قام عبد البهاء بإرساء قواعد الوحدة والاتحاد بين البهائيين وحماهم من الإنقسام والإنشقاق وشجعهم لتطوير قدراتهم لخدمة الإنسانية. وكرس فترة ولايته لتعزيز وترويج المثل العليا للسلام والوحدة والاتحاد بين جموع الناس في كل مكان وعمل على تشجيع تأسيس المؤسسات البهائية المحلية، فشهد ولايته نمو الدين البهائي من مجتمعات دينية صغيرة محدودة في مناطق قليلة في آسيا وأفريقيا إلى مجتمعات حيوية تسعى لتعزيز المثل العليا للوحدة الإنسانية في خمس قارات محافظا على وحدتها. وحاول جاهداً تعزيز تلك المجتمعات البهائية في تلك المناطق بزيارتهم ومراسلتهم، والتقى بالعديد من الشخصيات البارزة في تلك المناطق، وألقى العديد من الخطب في مجامع ومؤسسات وجامعات علمية ومنابر دينية متعددة.
أسفاره إلى مصر وأروبا وأمريكا الشمالية
خلال فترة ولايته استطاع عبد البهاء أن يوسع نطاق الجامعة البهائية إلى حد كبير بزياراته لعدة بلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية ومصر بين عامي 1911-1913
وقد كان عبد البهاء سجينا لعدة سنوات في عكا بأمر من السلطان العثماني، ولكن عندما وقعت ثورة تركيا الفتاة عام 1908 أطلق سراحه ونال حريته، وبعد ذلك قام بزيارة عدة دول في الغرب والشرق لتعزيز ونشر رسالة وتعاليم الدين البهائي التي تروج للسلام العالمي ووحدة الجنس البشري ، فتحدث وخطب في مؤسسات ومجامع وجامعات علمية ومنابر دينية عديدة في مدن أوروبا والولايات المتحدة وكندا ، وتم إجراء مقابلات عديدة معه من قبل الصحف والمجلات الرسمية وغيرها في تلك الدول. فتحدث خلال تلك المقابلات الشخصية والمحادثات عن أهم المبادئ البهائية مثل وحدة الله، ووحدة وتآلف الأديان، ووحدة البشرية، والمساواة بين المرأة والرجل، والسلام العالمي والعدالة الاقتصادية والحاجة لنبذ التعصبات بأشكالها المختلفة. فعزز أهمية اتحاد الشرق والغرب لأنه في نظره المدخل إلى عالم جديد يسوده العدل والاتحاد والسلام. وأشار لأهل الشرق والغرب أن المحبة هي الضامن الوحيد لتحقيق الاتحاد والنجاح، فقال في إحدى خطبه: «حينما ننظر إلى عالم الوجود لا نرى أمراً أعظم من المحبة. فالمحبة سبب الحياة والمحبة سبب النجاة، والمحبة سبب الدخول في ملكوت الله، والمحبة سبب الحياة الأبدية». وفي اجتماعاته كان يصر على أن تكون مفتوحة لجميع الأجناس والطبقات والأعراق والأطياف من شريف ووضيع، فأصبحت تلك الزيارات والمحادثات موضوع المئات من المقالات الصحفية.
توفى عبد البهاء عباس الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الاثنين الموافق 28 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1921 في مدينة حيفا في فلسطين. ودفن على سفح جبل الكرمل في إحدى غرف مقام الباب. وتم إذاعة الخبر في المدينة، وأرسلت البرقيات إلى جميع أنحاء العالم وجرى تشييع جثمانه في موكب عظيم حيث حضر جمع غفير من المعزين من أديان وطوائف مختلفة ومن كبار المسؤولين ورؤساء الأديان وألقوا الخطب واسترسلوا في مراثيهم لعبدالبهاء. !!
Discussion about this post