معارضة في شكل مشاكسة لقصيدة الدكتور حمد حاجي (طوفان من عشق)
بقلم الشاعر عمر دغرير :
“طوفان من عشق”
(قصيد يتكئ على حكاية)
وكل الحكاية أن كان بيتي مقابل غرفتها..
وتناسلت الحارتان…
وتفرّق ضوع الهوى بين حيّ وحي
ولم يبق إلاّ بيتها وجه بيتي..
وكنتُ إذا ما نظرتُ لشرفتها في المساء
وبعثرتُ صمتي..
وهمستُ: ليت… ولعل… و أيْ…
لمحت سؤالي يلحُّ: متى ميِّتُ العشق حي؟
وساعة قررت البلدية مدّ الطريق
وأعمدة النور..ارتدّ بين الشوارع دربْ
وأبقى لبيتيَ ضوء يطل على بيتها..
وكنتُ إذا ما أخذتُ نصيبا من الضوء
تكوي الصبابةُ قلبي وتلعج مثل البروق
وأنْ ليسَ كالحب كَيْ
ومرّ الشتاء وبشر فصل الربيع
وعرّش زهر تبرعم بين شقوق الجدار
وكم كان أجرأ مني غُصين العنبْ
تسلّل للبيت في غفلتي واقتربْ
وكانت إذا عَبَرَت غرفتها بلباس النيام
وجاءت.. كفرخ الحمام
لمحت ملاكا كأنْ من لجينٍ
كأنْ في كواكبَ تطوي السماوات طيْ
كأني أخاف على ريشها
يتناثر شيئا فشيءْ
وكنتُ إذا لمحت شبابيكها المشرعات
يعاتِبُها خافقي، أو يداي..
فتبسُطُ لي خصرها
كأنْ في الغمام سحابُ يديْ
وصمتي يبعثرني ويحلّقُ فيَّ:
فكيف؟ وأنَّى… و كيْ…
يظلّ يلحُّ علي السؤال: متى ميِّتُ العشق حي؟
وكل الحكاية أن كان بيتي مقابل غرفتها..
وإذا هطَلَتْ في فمي، ريقَتُها
غمر الماء سطح الضياء
وأنواؤها وسعت كل شيْ
وكل الحكاية أن كان بيتي مقابل غرفتها..
وإذا عاد طوفان أشواقها
أموت وأحيا.. وأحيا وأفنى..
فسبحان حبّي!
متى ميِّتُ العشق حي؟
وكل الحكاية أن كان بيتي مقابل غرفتها..
حين أومأتُ أن انزلي..
والتقينا بمقهى المدينة
صمّاءُ كانت..
ولكنّنا بالإشارة قلنا:
متى ميِّتُ العشق حي؟
ا========
(فيضان من أوهامْ)
وكلّ الحكاية , الحبّ منْ جانبٍ واحدٍ يكْوي كيْ …
وحقيقة الأمر ,أنْ كانتْ جليلة ,
صديقة أختكَ من أبيكْ …
تسكنُ غيرَ بعيدٍ في الحيْ …
جاءت لبيتكم ذات يوم عشيْ …
تطلبُ خدْمة منْ صديقتها ملاكْ
ولمْ تكنْ تعلمُ أن لا أحد في البيت سواكْ …
وحينَ دقتْ على الباب دقّا قويْ…
كنتَ كما دومًا خلفَ الشبابيكْ…
تراقبُ المارينَ أمام الحوانيتْ
والواقفينَ هنا وهناكْ …
وكنتَ تنتظرُ مرور غزالة في الحيْ…
لتغادر الغرفةَ وتتركَ كلّ شيْ…
فقطْ تمشي كما الطفل الشقيْ
وقدْ علِقتْ بعبيرالغزالة خُطاكْ …
و ويكَ منْ لسانها لوْ تُلاقيكْ …
وفي الحين فتحت الباب
والبشرُ بانَ على محياكْ…
لكنها اعتذرتْ لرؤياكْ
وبخجل البنات تأخرت إلى الخلف
ومالت بوجهها النقيْ …
ثمّ قالتْ : جئت إلى (ملاكْ) …
و بابتسامتك المثيرة للحكيْ …
ملاكْ هي الآن في (الفاكْ)
وقدْ تتأخر بعض الشيْ …
فانتظريها حتى تراكْ …
وكمْ ساءك ردّها ولمْ يرضيكْ…
حين قالتْ :
سوف أراها مرّة أخرى ,
واختفتْ في الطريق تتبعها عيْناكْ …
وكمْ تمنيتَ أنْ تبقى معكَ زمنا قليلا…
وأنْ تقرأ لها منَ الشعر كلامًا جميلا …
وأنْ تُسكرها بواحدة منْ أغاني كوكب الشرق الطويلةْ…
وغابتْ جليلة عنْ ناظريكْ …
وخطفتْ منك الفؤاد
وكلّ شيء يشدّها إليكْ…
لتبقى حزينا تعدّ الثواني
ولاأحد غيركَ يعلمُ ما دهاكْ …
وجاءتْ أخيرا ملاكْ …
وأخبرتها أنّ صديقتها كانت هنا ,
منذ لحظات قليلةْ…
فقالتْ وضحكتها سبقت صوتها الجميلَ :
تلكَ هي يا أخيّ جليلة …
ومنْ أوصافها كدت تصير قتيلا …
وجاء الليل وفي غرفتك بتّ مسطولا …
بعد أنْ أشعلتَ في الظلمة كمْ قنديلا …
فأنت تخشى الظلام ,
ولا تعلم متى (يكون الميت حيْ )؟
وفي هذه الليلة بالذات ,
من النافذة وليس من الباب
طلت مع الضوء جليلة …
وكنت مسكتها من يديها
وأسندتها على صدرك
كالزوجة الهدِيْ…
وبانت لك في لباس النيام
كالمها في حقول القصبْ
ومن حولك جوقة للطربْ …
وكمْ رقصتْ معكَ
وما نالها أثر للتعبْ …
وكمْ سكرتْ
ولمْ تشربَ قطرة منْ عصير العنبْ …
وفوق السرير ,
ومن نهده الكروي الطريْ
رضعت حليب الغرامْ ,
ونمتَ ولمْ تنتبهْ للظلامْ ,
والزيتُ في القناديل نضَبْ …
ونمتَ ومعكَ نام طيف جليلة…
وغصت في حلم ليس له مثيلا…
(إذْ هطلتْ ريقتها في فمكَ) هطولا …
وفاض الفراش بالأوهامْ …
وغرق البيت في الظلام …
ولما أفقت على صوت المؤذن
(الصلاة خير من النومْ ),
عرفت أن جليلة كانت مجرد حلمْ …
وأنك أنت ميت العشق لا زلت حيْ …
Discussion about this post