في مثل هذا اليوم 16 ديسمبر1863م..
ميلاد جورج سانتايانا، فيلسوف وكاتب وشاعر وروائي إسباني / أمريكي.
جورج أوجستين نيكولاس رويز دي سانتايانا (بالإسبانية: Jorge Agustín Nicolás Ruiz de Santayana y Borrás) والمعروف بجورج سانتايانا، كان فيلسوفًا وكاتبًا للمقالات وشاعرًا وروائيًا إسبانيَّ الأصل، نشأ ودرس في الولايات المتحدة منذ أن كان في الثامنة من عمره، ويُعرّف على أنّه أمريكي على الرغم من امتلاكه الدائم لجواز سفر أسباني صالح، كتب باللغة الإنجليزية ويعتبر عمومًا مفكرًا أمريكيًا، وفي سن الثامنة والأربعين ترك منصبه في جامعة هارفارد وعاد إلى أوروبا بشكل دائم، ولم يعد بعدها إلى الولايات المتحدة.
اشتهر بأقوال مأثورة مثل: «أولئك الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكومٌ عليهم تكراره»، «فقط الموتى شهدوا نهاية الحرب»، وتعريفه للجمال على أنه «لذّة تحوّلت موضوعًا»، وعلى الرغم من كونه ملحدًا، إلا أنّه كان يقدّر القيم والممارسات الكاثوليكية الإسبانية والنظرة الكونية التي نشأ فيها، ويعتبر سانتايانا ناقدًا ثقافيًا واسع النطاق يشمل العديد من التخصصات.
ولد في 16 ديسمبر 1863 في مدريد، وأمضى طفولته المبكرة في مدينة آبلة الإسبانيّة، وقد كانت والدته «جوزفينا بوراس» ابنة مسؤول إسباني في الفلبين، وجورج هو الطفل الوحيد لزواجها الثاني.
في عام 1861 انتقلت والدة جورج من بوسطن مع أطفالها الثلاثة من زواجها الأول للعيش في مدريد بعد بضع سنوات من وفاة زوجها الأول، وهناك التقت أوجستين دي سانتايانا ليتزوجا في عام 1862، حيث كان موظفًا في الخدمة المدنية الاستعمارية بالإضافة لكونه رسامًا ومثقفًا، عاشت العائلة في مدريد وآبلة.
في عام 1869 عادت والدته إلى بوسطن مع أطفالها الثلاثة من عائلة ستورجيس، لأنها وعدت زوجها الأول بتربية الأطفال في الولايات المتحدة، تاركةً خورخي البالغ من العمر ستة أعوام مع والده في إسبانيا، ليتبعها ووالده في عام 1872، ولكن والده لم يُحبّذ فكرة الانتقال وعاد إلى إسبانيا، وبقي هناك بقية حياته دون أن يره جورج مرة أخرى حتى دخل كلية هارفارد وبدأ يذهب في عطلاته الصيفية إلى إسبانيا، وفي بعض الأحيان خلال هذه الفترة، كان اسم Jorge الأول يختلط باسم George، وهو المرادف الإنجليزي للاسم.
التحق سانتايانا بمدرسة بوسطن اللاتينية وكلية هارفارد، حيث درسه الفلاسفة ويليام جيمس وجوسيا رويس، وقد شارك في أحد عشر ناديًا كبديل لألعاب القوى، كما كان مؤسسًا ورئيسًا للنادي الفلسفي، وهو عضو في الجمعية الأدبية المعروفة باسم O.K، ومحرر ورسام كاريكاتير لصحيفة ساخرة (The Harvard Lampoon)، والمؤسس المشارك للجريدة الأدبية (The Harvard Monthly)، وفي ديسمبر 1885 لعب دور سيدة إلفريدا في مسرحية روبن هود، متبوعةً بإنتاج (Papillonetta) في ربيع سنة تخرجه.
بعد تخرجه كعضو من جمعية فاي بيتا كابا من جامعة هارفرد، وفي عام 1886 درس سانتايانا لمدة عامين في برلين، ثم عاد إلى جامعة هارفارد لكتابة أطروحته عن هيرمان لوتز ولتدريس الفلسفة، وليصبح جزءًا من العصر الذهبي لقسم الفلسفة في جامعة هارفارد، وقد أصبح بعض طلابه في جامعة هارفارد مشهورين بأنفسهم بما فيهم ت. س. إليوت، وروبرت فروست، وجيرترود شتاين، وهوراس كالن، ووالتر ليبمان، ودو بويز، ولم يكن والاس ستيفنز من بين تلاميذه ولكنه أصبح صديقًا، ومن عام 1896 حتى عام 1897 درس سانتايانا في كينجز كوليج في كامبريدج.
لم يتزوج سانتايانا قط، وحياته الرومانسية -إن وجدت-ليست مفهومة جيدًا، وبعض الأدلة بما في ذلك التعليق الذي أدلى به سانتايانا في وقت متأخر من الحياة يقارن نفسه مع آلفرد إدوارد هاوسمان، وصداقاته مع من كانوا علنًا مثليي وثنائيي الجنس، يقود الدارسين للتكهّن بأنه ربما كان مثلي أو ثنائي الجنس، ولكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان لديه أي علاقات جنسية متبادلة أو علاقات جنسية مثلية.
في عام 1912، استقال سانتايانا من منصبه في جامعة هارفارد لقضاء بقية حياته في أوروبا، فقد وفر المال وساعده إرثُ من والدته في ذلك، حيث عاش عدة سنوات في آبلة وباريس وأكسفورد، وبعد عام 1920 بدأ يقضي الشتاء في روما، حتى أصبح أخيرًا يعيش هناك طوال السنة حتى وفاته. خلال السنوات الأربعين في أوروبا، كتب تسعة عشر كتابًا ورفض عدة مناصب أكاديمية مرموقة، وقد كان العديد من زواره ومراسليه من الأمريكيين، بما في ذلك مساعده ومنفّذه الأدبي دانييل كوري، وفي وقت لاحق من الحياة كان سانتايانا مرتاحًا من الناحية المالية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ روايته «البيوريتاني الأخير» عام 1935، أصبحت على نحو غير متوقع من أكثر الكتب مبيعًا، ولهذا ساعد ماليًا عددًا من الكتاب بمن فيهم برتراند راسل الذي كان معه على خلاف جوهري فلسفي وسياسي.
إن رواية «البيوريتاني الأخير» هي رواية تشكيل أو قصة بلوغ، تركز على النمو الشخصي لبطلها «أوليفر ألدن»، وشخصياته وأماكنه هي عبارة عن ترجمة ذاتية، وهذه الأعمال تحتوي أيضًا على العديد من آرائه الحادة واللاذعة، فقد كتب كتبًا ومقالاتٍ حول مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك الفلسفة، والنقد الأدبي، وتاريخ الأفكار، والسياسة، والطبيعة البشرية، والأخلاق، وتأثير الدين على الثقافة، وعلم النفس الاجتماعي، وكل ذلك مع قدر كبير من الذكاء وفكاهة. في حين أنّ كتاباته عن الفلسفة التقنية قد تكون صعبة، إلا أن كتاباته الأخرى أكثر سهولةً ووضوحًا، فق كتب قصائد وبعض المسرحيات وترك مراسلات كثيرة معظمها لم ينشر حتى عام 2000، ومثل ألكسيس دو توكفيل لاحظ سانتايانا الثقافة والشخصية الأمريكية من وجهة نظر أجنبية، ومثل وليام جيمس -صديقه ومعلمه-كتب الفلسفة بطريقة أدبية، وقد ذكر إزرا باوند سانتايانا في قصيدته “The Cantos”، وعادةً ما يعتبر سانتايانا كاتبًا أمريكيًا، على الرغم من أنّه رفض أن يصبح مواطنًا أمريكيًا، وأقام في إيطاليا الفاشية لعقود، وقال أنه كان مرتاحًا فكريًا وجماليًا في أكسفورد، وبعد كتابة روايته الوحيدة «البيوريتاني الأخير» عام 1935 أمضى الشتاء في روما، حيث عاش هناك حتى وفاته في عام 1952.!!
Discussion about this post