حرب اوكرانيا اخر جرعة اكسجين للرأسمالية العجوز (2)
بقلم منعم صالح
ان صعود الصين كقوة جديدة في المشهد العالمي حتى صارت ظاهريا ندا وخصما للولايات المتحدة الامريكية يدعوا الى التساؤل: هل كان ذلك مبرمجا له من قبل الولايات المتحدة؟؟ ام انها غفلت عن ذلك وعجزت امام سياسة التقية التي كانت تقابلها بها الصين، طيلة ثلاثة عقود الى ان صار الامر متأزما ومعقدا الى هذا الحد؟؟!
للوصول الى حقيقة الامر لابد من معرفة هل كانت الادارة الامريكية تراقب نمو ذلك المولود الجديد منذ البداية و على علم بطموحاته بمشاريعه المستقبلية ؟
مما لا شك فيه ان الولايات المتحدة كانت تعلم بذلك منذ بدأ الصين سعيها لتكوين قوة اقتصادية ثم سياسية ،، كيف لا وهي التي تمتلك اقوى جهاز الاستخبارات في العالم، الذي خرج منتصرا من الحرب الباردة ثم ازداد نفوذا وتغلغلا في كل انحاء العالم . يمكن القول اذن ان الولايات المتحدة سمحت للصين ببناء قوتها الاقتصادية على مرأى من انظارها واتاحت لها التسلل الى الاقتصادي الليبرالي رغم طابعا الاشتراكي المخالف لمبادئ الاقتصاد العالمي السائد. اما في مرحلة لاحقة لم تكن راضية على ما تسببت فيه الصين من دمار لاقتصاد الكثير من الدول و التسبب في افلاس المئات من الشركات العالمية بسياسة اغراق الاسواق بالسلع المقلدة والمغشوشة ومخالفة وتجاوز كل الأخلاقيات والقوانين والحقوق الصناعية والتجارية.
كانت الولايات المتحدة في اغلب الاحيان تتظاهر بالغفلة وهي تراقب ترصد تحركات الصين لتشكيل تحالفات والبحث عن مناطق نفوذ وثروات جديدة ، يمكن ان نستحضر في هذا السياق مشاهد افلام الغرب الامريكي، عندما يستلقي “كلنت استود” بجانب كنزه، ماسكا المسدس لحراسته، متظاهرا بالنوم، ليطمن من حوله من لصوص اظهروا له الصداقة وابطنوا طمعهم في كنزه، فتراه يفتح عينيه بين الحين و الاخر ليرصد تحركاتهم دون ان يشعروا. وكانت الولايات المتحدة تعلم ان قوة الصين المتضخمة يوما بعد يوم و توجهها الى الصناعات الثقيلة سيجعلها امام حتمية التوسع و البحث عن مناطق ثروات جديدة و ازدياد حاجتها الى الطاقة..اذ لا بد لهذا التضخم من افاق جديدة وإلا سينعكس عليها داخليا وينتهي بالانفجار او الانهيار..ولعل هذا ما رمسمته الولايات المتحدة للصين.
كان العالم طيلة العشرين سنة كرقعة شطرنج بين الصين والولايات المتحدة.تسببت هذه الحرب الخفية بينهما في اشتعال عدة مناطق في العالم لكن تحول انظار الصين لثروات افريقيا والشرق الاوسط زاد في وتيرة هذه الحرائق ، حيث اعتمدت الصين سياسة جس النبض بالتودد او الدخول بالوكالة، لكن الولايات المتحدة التي كانت تنتظر متجهزة لكل هذه الخطوات جعلت هذه الاراضي قابلة للاشتعال بضغطة واحدة على زند المسدس تماما مثل ما حدث في العراق .
ازدادت عدوانية الصين تجاه الولايات المتحدة التي ضيقت عليها الخناق من جل اجبارها على احدى الخيارين، اما ان تخرج عن تقيتها لتستبق حربا لم ياتي اوانها او ان تقضي على نفسها بنفسها بالانهيار الداخلي، ثم جاء التسريب الذي صار حديثا عن المشروع الوهمي المسمى بالشرق الاوسط الكبير وهو الحيلة والطعم الذي سيدفع الصين الى الاسراع في التحرك نحو الشرق الاوسط.
يتبع
Discussion about this post