في مثل هذا اليوم 19 ابريل1824م..
وفاةجورج بايرون، شاعر إنجليزي.
جورج غوردون بايرون، سادس بارون بايرون أو اللورد بايرون (Lord Byron؛ 22 يناير 1788 في إنجلترا – 19 أبريل 1824 في اليونان) شاعر بريطاني من رواد الشعر الرومانسي. كانت قصائده تعكس معتقداته وخبرته. شعره تارة ما يكون عنيفاً وتارة أخرى رقيقاً، وتتصف قصائده في أغلب الأحيان بالغرابة. يصر اللورد بايرون على حرية الشعوب وكان من أبرز رواد الفلهيلينية.
حين انتشر خبر وفاة اللورد بايرون عم حزين شديد وحداد عام على القارة العجوز. ولخص تلك المناسبة الفرنسي الكبير فيكتور هيغو قائلا حينها: أعلنوا خبر وفاة بايرون، شعرنا وكأنهم نزعوا جانبا من مستقبلنا. في صحيفة الكاتب كتب دوستويفسكي: كانت البايرونية ظاهرة كبيرة ومقدسة، تشكل ضرورة لحياة الشعب الأوروبي، وربما لحياة الإنسانية جمعاء، لقد ظهرت البايرونية في لحظة من الحزن العميق، لحظة الخيبة واليأس، فقد تحطمت الرموز القديمة، لتظهر في تلك اللحظة عبقرية كبيرة وقوية. شاعر مشوق، أشعاره مرآة لحزن الإنسانية حينذاك بكل تجلياته، إنها قريحة شعرية جديدة غير متوقعة، قريحة الحزن والانتقام واليأس والأسى، وامتد الفكر البايروني كما النار في الهشيم ليشمل الإنسانية جمعاء ودوّى صداه، بحيث أي عبقرية أو أي قلب نبيل، لم يستطيعا الإفلات من الوهج البايروني.
قبل الدخول في تفاصيل حياة الشاعر اللورد جورج بايرون وما يمثله من قيمة أدبية في أوروبا، يجب معرفة العصر الذي عاش فيه – عصر الرومانسية – والفلسفة التي قام عليها هذا العصر. تميز هذا العصر بأنه عصر أول ثورة للشباب في أوروبا! تم إعطاء الأولوية فيه للبديهة، والخيال، والإلهام، بالإضافة إلى أساليب النزعة الذاتية في طريقة تصوير العالم، ولفت الانتباه إلى عالم الشرق. وأُعطي الفن فيها مكانة خاصة كوسيلة للمعرفة، حتى أصبح الفنان يستطيع أن يمرر شيئاً لا يستطيع الفيلسوف التعبير عنه كما يردد الرومانسيين.
بزغت ملامح هذا العصر احتجاجاً على الفلسفة القائمة آنذاك، والسلطة المطلقة للعقل في عصر التنوير الأوربي، مع بداية القرن الثامن عشر من تاريخ الثورة الفرنسية الكبرى، وأما نهاية هذا العصر فجاءت مع «ربيع الشعوب». وجد الشباب أنفسهم في هذا العصر مقيدين بحدود رهيبة بسبب العقل، وبحاجة إلى هواء نقي يبعد عنهم هذه الفلسفة، وأن يقوموا بكل أشكال التجارب، وأن يفلتوا من العالم بالهرب إلى الحلم، وبعيداً عن الواقع. الكثير من الشباب الرومانسيين يعتبرون أنفسهم ورثة الفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط. أوضح كانت أن هناك حدوداً لما يمكن للعقل أن يعرفه عن الشيء بذاته، مما يعني أن كل شخص يستطيع أن يعيد تحديد علاقته بالعالم على هواه، وأن يعطي تفسيره الخاص للواقع والحقيقي. وجاء الرومانسيون ليبالغوا في ممارسة «عبادة الأنا» هذه، مما أدى إلى فكرة العبقرية الفنية كجوهر للروح الرومانسي. ومثال ذلك بيتهوفن.. فموسيقاه تترجم عواطف ورغبات الكائن البشري. وهو يتصدى بذلك لكبار موسيقي عصر الباروك مثل باخ وهاندل اللذين ألفا موسيقاهما لتمجيد الله، وبناءً على قواعد محددة ودقيقة. ظهرت في هذا العصر مصطلحات جديدة لم تكن موجودة مسبقاً في العصر السابق للرومانسية، مثل الشعور والخيال والتجربة والحنين. واعتُبر الفراغ مثل العبقرية، والكسل فضيلة الرومانسية. يقول الشاعر الإنجليزي كوليردج في قصيدة تمثل جوهر العصر الرومانسي:
وإذا كنت نائماً؟ وإذا حلمت في نومك؟ وإذا ما ذهبت، في حلمك، إلى السماء، تقطف زهرة جميلة وغريبة وإذا ما وجدت الزهرة في يدك بعد استيقاظك فماذا تقول؟
هذا الحنين، والبحث عن شيء بعيد ومستعص في القصيدة تمثل الميزة الذهنية للرومانسية. كان ثمة حنين للمراحل السابقة المنتهية أو عصور التنوير، كما أراد الرومانسيون تتبع آثار ثقافات أكثر بعداً، مثل الثقافة والروحانيات الشرقية. وكان الليل يجتذبهم ومثله أضواء الغسق والأطلال وما فوق الطبيعة، وكل الظواهر الليلية للوجود. وهذا ما ينطبق على حياة وترحال جورج بايرون. كان ذا اتجاه فكري يعتمد على التفكير الحر المطلق حتى وإن خالف المسلمات، وهذه خطوة تحرر قد تمزق قيود الدين الأولى. مولعاً بالشرق وما تمثله من روحانية لدرجة الجنون. حتى أقام فترة من عمره في ألبانيا وذهب إلى أسطنبول، وتجلى السحر الشرقي في قصائده، حيث وصفه وصوره في شعره، كما في الأنشودة الأولى لأسفار شيلد هارولد. ومن أشهر صور بايرون هي رسمته التي يبدو فيها مرتدياً ملابس شرقية معتما بعمامة، فارداً شاربيه كالأتراك.!!