في مثل هذا اليوم 23 يناير1952م..
وفاة الدكتور زكى مبارك أديب وشاعر وصحفي وأكاديمي مصري..
محمد زكي عبد السلام مبارك (5 أغسطس 1892 – 23 يناير 1952) هو أديب وشاعر وصحفي وأكاديمي عربي مصري، حصل على ثلاث درجات دكتوراه متتالية فلقبه البعض إثر ذلك بالدكاترة زكي مبارك. درّس في الجامعة المصرية لعدة سنوات وعمل مفتشا عاما للغة العربية.
ولد زكي مبارك في قرية سنتريس بمحافظة المنوفية في عام 1892، التحق بالأزهر عام 1908 وحصل على شهادة الأهلية منه عام 1916، وليسانس الآداب من الجامعة المصرية عام 1921، الدكتوراه في الآداب من الجامعة ذاتها عام 1924 ثم دبلوم الدراسات العليا في الآداب من مدرسة اللغات الشرقية، في باريس عام 1931 ثم الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون عام 1937.
الوظائف والمسؤوليات
عمل زكي مبارك -فترات متقطعة- في الجامعة المصرية، وفي الجامعة الأميركية، لكن مقامه لم يطل في أي منهما، فقد كان كثير المعارك كثير الخصوم، وقد تولى الدكتور طه حسين كِبْر فصله من الجامعة وتحويله إلى التفتيش في المدارس الأجنبية، مَضيما كَظيما.
وفي سنة 1937 انتُدب إلى دار المعلمين في بغداد فوجد كثيرا من العزاء والسلوى وإن لم يطل به المقام.
التجربة الأدبية
بدأ زكي مبارك حياته الأدبية شاعرا ثائرا، فهاجم الأزهر ومناهجه، واندفع في غمار السياسة شديدا عنيفا، فكان في طليعة الشباب في ثورة 1919، وأصبح خطيب الثورة يغشى الميادين ويلهب الجماهير، إلى أن وقع في قبضة الإنجليز فأودعوه السجن ليذوق مرارة الأسر وألم الغربة، ويرث أحزانا لم تزل تُفَطِّرُ قلبه وتدمي كبده إلى أن لقي ربه.
وفي الجامعة المصرية -عندما عين في كلية الآداب سنة 1925- شرع يتتبع الحركة الأدبية المصرية في ذلك الوقت ويتعهدها بالنقد والتقويم. وقد كان واسع المعرفة بصيرا بفنون القول وضروب البيان وأساليب الشعر، شديد الإخلاص للعربية قوي الغيرة على تراثها.
وقد كان أسلوبه آية من آيات البيان، يجمع بين جزالة القدامى ورشاقة المحدثين. وقد شبه العالم العراقي مصطفى جواد لغته “بلغة فصحاء الأمة وشعراء العصر الأموي، وذلك شيء نادر في هذا العصر مطلوب غير مبلوغ”.
وكان يجمع في كتاباته بين التحقيق العلمي الرصين و”نزوات الوجدان” حسب تعبيره هو، حتى أخذ عليه شيوخ السوربون الحضور العاطفي الطاغي في أسلوبه، لكنهم عذروه حين علموا أنه بدأ حياته شاعرا.
تسبب طه حسين في خروجه من الجامعة إلى الشارع بلا وظيفة وبلا مرتب، بالرغم من حصوله علي الدكتوراة ثلاث مرات وتأليفه أكثر من أربعين كتابا، وقد أتيح له أن يعمل في الجامعة المصرية، وعمل في الجامعة الأمريكية وعين مفتشاً للمدارس الأجنبية في مصر ولكنه لم يستقر في هذه الوظيفة واخرج منها بعد أن جاء النقراشي وزيرا للمعارف والدكتور السنهوري وكيلا للوزارة.
وعمل في الصحافة أعواما طويلة ويحدثنا انه كتب لجريدة البلاغ وغيرها من الصحف نحو ألف مقال في موضوعات متنوعة. وانتدب في عام 1937م للعراق للعمل في دار المعلمين العالية ببغداد ، وقد سعد في العراق بمعرفة وصداقة كثير من أعلامه، وعلي الرغم مما لقي في العراق من تكريم إلا انه ظل يحس بالظلم في مصر وهو يعبر عن ظلمه اصدق تعبير بقوله «إن راتبي في وزارة المعارف ضئيل، وأنا أكمله بالمكافأة التي آخذها من البلاغ أجرا علي مقالات لا يكتب مثلها كاتب ولو غمس يديه في الحبر الأسود… إن بني آدم خائنون تؤلف خمسة وأربعين كتاباً منها اثنان بالفرنسية وتنشر ألف مقالة في البلاغ وتصير دكاترة ومع هذا تبقي مفتشاً بوزارة المعارف».
الجوائز
وسام الرافدين، العراق، 1947
وفاته
في 22 يناير 1952 سقط مغشيًا عليه في شارع عماد الدين وأصيب في رأسه فنقل إلى المستشفى حيث بقي غائبا عن الوعي حتى وافته المنية في 23 يناير 1952.
أعماله:
كان الدكتور زكي مبارك مكثر التأليف من غير إسفاف، وقد ترك حوالي عشرين كتابا، وكمّا وافرا من المقالات الأدبية والنقدية.
مدامع العشاق
النثر الفني في القرن الرابع
عبقرية الشَّريف الرَّضي
الأسمار والأحاديث
التَّصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
الأخلاق عند الغزالي
الموازنة بين الشعراء
ذكريات باريس
العشاق الثلاثة
وحي بغداد
ليلى المريضة في العراق
حب ابن أبي ربيعة
اللغة والدين والتقاليد
جناية أحمد أمين على الأدب العربي………….
طغت المعارك الأدبية -التي كانت سمة ذلك العصر- على حياة مبارك وفكره، لكنها أنضجت موهبته وأحكمت تجربته.
وقد كان مولعا بالمعارك مغرما بها حتى قال: “أحب الخصومات لأنها تذكي عزيمتي”، وقد رجع من باريس وهو عازم على “ترويع الآمنين من رجال الأزهر والجامعة المصرية ووزارة المعارف، ففي تلك الديار رجال يأكلون العيش باسم العلم والأدب، ثم لا يقدمون ولا يؤخرون في دين ولا دنيا”.
كانت أشرس معاركه مع طه حسين، وكان سبب تلك المعركة نقد -يرى بعض الدارسين أنه لم يكن علميا- وجهه طه حسين لكتاب النثر الفني الأثير عند زكي مبارك.
وكان هجوم مبارك عنيفا أليما كاد يحطم كبرياء طه حسين حتى لجأ إلى فصله من الجامعة، وهي خطوة عدها حتى المقربون من طه حسين إثما مبينا.
أما الخصم الثاني فكان أحمد أمين، وكان طابع المعركة هو السخرية اللاذعة والاستهزاء المهين، فقد قال زكي إن أحمد أمين كان يجهل نفسه حتى عرفه طه حسين بها، وإن “أحمد أمين لم يكن أديبا، وإنما قال له طه حسين كن أديبا فلم يكن”.
وتوالت المعارك بعد ذلك مع السباعي البيومي والأستاذ عباس العقاد، وسلامة موسى ولطفي جمعة وأحمد شوقي، ومع أحمد حسن الزيات الذي صافاه زمنا طويلا، وأحمد لطفي السيد ومصطفى الرافعي، وأحمد زكي باشا.!!
Discussion about this post