قصتي القصيرة “زفاف”..
——————————–
الأديب محمود قنديل
قالت أمكِ ذات صباح :
– كوني كما أنتِ يا ابنتي، لا تحيدي، لا تطفئي، لا تغادري .
والليلةَ تُزفين بثوبك الرمادي فى موكب صامت، تطوف بكِ السيارة فى شوارع علقت بهوائها رمالٌ صفراء، وغطت مصابيحَها أتربةٌ كثيفة، وعلى يمينكِ تراصت أبنية خاوية تنبعث منها روائح كريهة، وعلى يساركِ انحنت أشجارٌ عارية لفظتْ أعشاشَ طيورها ، وفوق موكبكِ المبكوم ربضت غماماتٌ داجية أبت إعلان المسطور ، وقلبُك فى جوفك يتعجل لحظات الوصول، وتصيحين:
– متى نصل؟
يمتقع الجسد المُلقى بجواركِ، وتحوم في شفق غروبكِ غربان، وتئن الشوارع، ويرتج ماء النهر في مجراه، وتصلين.
تنفتح أبواب السيارات، ويخرج الرُّكاب، يلتفون حول سيارتك، ويدعونكِ للنزول، فتنزلين، وينزل مَنْ بجواركِ يتأبط ذراعك، ويفسحون لكِ، فيتقدم، وحين تتقدمين تنظرين بيت عُرسكِ المهجور، فتتسمرين، جدرانه متآكلة، نوافذه يعبث بها الهواء، ومن داخله تصدر همهمات. يدعونكِ إليه، فترفضين، ويدفعونكِ عنوة، فتصرخين، ويشدكِ مَنْ بجواركِ – قسرًا – وأنتِ تستغيثين، وحين تدخلين – قهرًا – لا تبصرين في فَسحة البيت الصغير سوى شاهد قبرك.
Discussion about this post