الرغيف الساخن **
سوسن يونس
فجر جديد بإشراق أمل لصباح بارد ،
يعد ما تبقى من أيامه من أرقام لتقويم ورقي مازال معلق ينتظر ،
مثلما يعد ماتبقى من فائض نقوده المهترئة لفواتير شهر قادم ،
كعادته يلبس معطفه ذو اللون الباهت يحمل فيه تراكم أيامه وجميع ذكرياته ،
يسابق ازدحام الأرصفة … كما ازدحام النوافذ المغلقة ،
ناطرا دوره في حشد كبير من أجل الحصول على بعض الأرغفة ،
متحملا حمرة يديه كمارذاذ المطر بصقيع شتاء قارس ،
حاملا أرغفة العيش الساخنة في غمرة واشتياق دافىء ،
عائدا بلهفة مسرعا إلى منزله القرمزي ،
هناك جدارا مستلقيا قاوم تجاعيد الزمن ،
وهذه الفتاة المنتظرة في سريرها الأسود تقاوم رحلة الشقاء ،
تنتظر جرعة دواء علها تعيد لها ما تبقى من أحلام ،
لتنتهي رحلة سوادها وتغرق في سريرها الأبدي ،
في حجرتها الباردة تغرق الأرغفة كما الأيام ،
ودعت نهايتها بل ربما استقبلت بداية جدبدة في مستقنع آخر ..
لم يستغرق الوقت كثيرا من الإنتظار ، انتظار ذلك العجوز وحيدا في مستقنع العجز ، مهما انغرس في الأمل والإيمان لابد أن ينغرس في تيارات الغرق … في دموع ممتزجة مع لزوجة المستقنع العفنة … حينها استسلم وهو يحاول التجديف نحو الضفة الآمنة … ليلقى نفسه سريرا بأمان في مثواه الأخير .
في سرير خلوده الأبدي مودعا أمطار دموعه ،
مودعا الأرغفة السوداء … محتضنا سخنة التراب ،
امتطى صاحب المعطف هوة المجهول الأبدي …
لتبقى النوافذ مغلقة …وتبقى الحشود في غمرة الإزدحام ،
لكل فرد ورقة نهاية ….
والجميع ينتظر فكل في دوره وفي توقيت زمني لكل فرد يستلم فيه ورقته النهائية … نهاية صقيع الأرغفة …
Sawsan
Discussion about this post